للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجررت حبل خليع فى الصّبا غزل ... وشمّرت همم العذال فى العذل (١)

وارتفعت إلى سمع الرشيد، فطار سرورا بمدح قائده وبمادحه. ومن حينئذ توثقت الصلة بين الشاعر والخليفة من جهة وبينه وبين القائد من جهة ثانية، وأخذ يزيد يغدق عليه نواله الغمر، حتى ليقال إنه أعطاه فى إحدى وفاداته عليه مائة وتسعين ألف درهم، وأقطعه إقطاعات تغلّ مائتى ألف درهم. ولما ولّى الرشيد يزيد أرمينية وآذربيجان سنة ١٨٣ للهجرة صحبه وظل معه حتى توفى سنة ١٨٥. وقد احتفظ الديوان بقصيدته السابقة فيه وقصيدة ثانية ميمية ومقطوعة قصيرة، وهو فى القصيدة الأولى ينوّه بانتصاراته فى حروب الروم وظفره بيوسف البرم الثائر فى خراسان لعهد المهدى ثم الوليد بن طريف الخارجى الثائر بالجزيرة لعهد الرشيد. ونراه فى القصيدة الثانية وهى التى يستهلها بقوله (٢):

طيف الخيال حمدنا منك إلماما ... داويت سقما وقد هيّجت أسقاما

يتغنّى بانتصاره على الوليد بن طريف ويشيد بشجاعته وإقدامه.

وكان منذ نزوله بغداد يمدح محمد بن منصور بن زياد كاتب البرامكة، وكان خليفة الفضل بن جعفر البرمكى بباب الرشيد، وكان يسمى فتى العسكر لبلائه فى الحروب، ولمسلم فيه قصيدتان وبعض مقطوعات منثورة فى ديوانه، وهو فى إحدى قصيدتيه، وهى التى افتتحها بقوله (٣):

عاصى الشباب فراح غير مفنّد ... وأقام بين عزيمة وتجلّد (٤)

يشيد طويلا بانتصاره فى بعض حروب الروم وفتكه بأحد بطارقتهم، كما ينوّه بانتصارات أبيه «منصور» على خوارج القيروان، ولعله كان فى عداد جيش يزيد بن حاتم المهلبى الذى فتك بهم فتكا ذريعا لعهد الخليفة المنصور (٥). وقد وصله محمد بن منصور بن زياد بالبرامكة، وفى ديوانه بيتان فى مديح يحيى، وقصيدة ومقطوعة فى مديح ابنه جعفر، وهو فى القصيدة يشير إلى قضائه على فتنة


(١) أجررت حبل خليع كناية عن تركه يصنع ما يشاء.
(٢) الديوان ص ٦١
(٣) الديوان ص ٢٣٠.
(٤) مفند: ملوم.
(٥) النجوم الزاهرة ٢/ ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>