للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خليفة الله إن النّصر مقتصر ... عليك مذ أنت مبلوّ ومختبر

أعددت للحرب سيفا من بنى مطر ... يمضى بأمرك مخلوعا له العذر (١)

لا فى بنو قيصر لما هممت بهم ... مثل الذى سوف تلقى مثله الخزر

لقد بعثت إلى خاقان جائحة ... خرقاء حصّاء لا تبقى ولا تذر

أظلّهم منك رعب واقف بهم ... حتى يوافق فيهم رأيك القدر

وهو يريد بسيف بنى مطر يزيد بن مزيد الشيبانى، وقد مضى يتحدث عن انتصارات الرشيد على الروم وظفره بخاقان ملك الترك، وكان شخص إليه الفضل بن يحيى البرمكى فى جيش ضخم سنة ١٧٨ للهجرة، فأسره واستباح عسكره وغنم أمواله (٢). وفى أخباره أن الرشيد وصله صلات كثيرة، حتى ليقال إنه وصله مرة بمائتى ألف درهم (٣). وتقرن أخباره إعجاب الرشيد به بإعجابه بمديحه لقائده يزيد ابن مزيد الشيبانى، وهو إعجاب نظن أن السياسة تتداخل فيه، فقد كان كل شئ فى الحكم بيد البرامكة الإيرانيين، وأكبّ عليهم الشعراء بمدائحهم إكبابا جعل الخليفة ينفس عليهم ذلك، وربما كان مما يؤذيه أنه لا يجد لقادته من العرب الخلّص من يمدحهم وينوه بهم، وكان البرامكة يقفون فى وجه بعض هؤلاء القادة ويحاولون إبعادهم عن الخليفة، وكان يضطر للنزول على إرادتهم لعلو نفوذهم، وكان ممن صنعوا به ذلك يزيد بن مزيد، فإنه لما قضى على ثورة الوليد ابن طريف وانصرف بالظفر حجب برأيهم وجاراهم الرشيد فأظهر سخطه عليه، فقال: «وحقّ أمير المؤمنين لأصيّفنّ وأشتونّ على فرسى أو أدخل، فارتفع الخبر بذلك إلى الرشيد، فأذن له، فدخل، فلما رآه ضحك وسرّ وأقبل يصيح:

مرحبا بالأعرابى، حتى دخل وأجلس وأكرم (٤)» وأقبل الشعراء يمدحونه، ومدحه مسلم بقصيدته المشهورة (٥):


(١) العذر: جمع عذار، وهو هنا العزيمة.
(٢) اليعقوبى ٣/ ١٣٩ وقارن بالجهشيارى ص ١٩٠ وما بعدها.
(٣) انظر ترجمة الأغانى الملحقة بالديوان (طبع دار المعارف) ص ٣٦٩.
(٤) أغانى (دار الكتب) ١٢/ ٩٦ وما بعدها.
(٥) هى أولى قصائد الديوان.

<<  <  ج: ص:  >  >>