للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قصيدتين (١) بديعتين. ونمضى معه إلى عصر الأمين فنراه بمدحه بقصيدته (٢):

شغلى عن الدار أبكيها وأرثيها ... إذا خلت من حبيب لى معانيها

ونراه يشيد بانتصاراته على أعدائه فى الشرق، وهو بلا ريب يشير إلى انتصار هرثمة بن أعين على رافع بن الليث الثائر بسمرقند سنة ١٩٤ (٣). ولا يلبث الأمين أن ينقض عقد ولاية العهد من بعده لأخيه المأمون، ويأخذ من الناس البيعة لابنه موسى مما أدّى إلى تطاحن الأخوين وظفر المأمون بأخيه على نحو ما مرّ بنا فى غير هذا الموضع. ويولّى مسلم وجهه شطر مرو حيث المأمون ووزيره الفضل بن سهل.

وتلقّاه الفضل بترحيب عظيم، إذ كان من ندمائه قبل وزارته للمأمون (٤)، ونظن ظنّا أن الصلة توثقت بينهما منذ كان مسلم يغدو ويروح على البرامكة، وخاصة على الفضل بن جعفر البرمكى فقد كان ابن سهل يخدمه أولا ثم التحق بخدمة المأمون. ولم يكد مسلم يمثل بين يديه حتى أنشده قوله فيه:

لو نطق الناس أو أثنوا بعلمهم ... ونبّأت عن معالى دهرك الكتب

لم يبلغوا منك أدنى ما تمتّ به ... إذا تفاخرت الأملاك وانتسبوا

فأمر له عن كل بيت من هذه القصيدة بألف درهم (٥). وقد سقطت من ديوانه، كما سقطت قصيدة كافية له فى المأمون لم يبق منها إلا هذان البيتان (٦):

وردت على خاقان خيلك بعد ما ... كره الطّعان وقد أطلن عراكا

حتى وردن وراء «شاش» بمنزل ... تركت به نفلا له الأتراكا

وأيضا فقد سقطت له قصيدة ثالثة فى الفضل بن سهل لم يبق منها إلا بيت واحد (٧)، وحظى عنده حظوة كبيرة جعلته يولّيه جرجان أو بعض ضياعها أو يريدها أو مظالمها أو ضياع أصبهان على اختلاف فى الروايات (٨). ولعل


(١) الديوان ص ١٧٧، ٢٠٠.
(٢) الديوان ص ٢١٦.
(٣) اليعقوبى ٣/ ١٦٥.
(٤) ابن الطقطقى ص ١٦٦.
(٥) ترجمة مسلم فى الأغانى الملحقة بالديوان ص ٣٨٠.
(٦) الديوان ص ٣٣١.
(٧) الديوان ص ٣٠٧.
(٨) انظر ملحقات الديوان ص ٣٥٣، ٣٦٥، ٣٧٣، ٤٣١، ٤٤٤ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>