سنة ٢٢٠ حتى يعقد المعتصم للأفشين على الجيوش التى تنازل أتباعه من الخرّمية فى الجبال وأرمينية وأذربيجان، وكان من أهم القواد الذين عصفوا حينئذ بأتباعه أبو سعيد محمد بن يوسف الثغرى الطائى وقد مضى أبو تمام يشيد بانتصاراته وكأنه يحيّى فيه قبيلته طيّئا وأمجادها الحربية الحديثة، ومن ثمّ لم يترك له انتصارا دون أن يسجله فى ملحمة رائعة. ومجّد بجانبه بطلا عربيّا ثانيا ممن نكلوا ببابك وأصحابه تحت لواء الأفشين هو أبو دلف العجلى، وكان فارسا مغوارا، وغيثا مدرارا، فنوّه به تنويها رائعا. وأخيرا فى أوائل سنة ٢٢٣ قدم الأفشين ببابك مقيدا إلى سرّ من رأى. فتعالى بها التكبير والضجيج، وقتل وقطّع جسده وصلب جزاء وفاقا لبغيه ونكثه بالعهود. وأخذ الشعراء وفى مقدمتهم أبو تمام يهنئون المعتصم والأفشين بهذا النصر المبين، وله فيه ثلاث قصائد رائعة، هى:(غدا الملك معمور الحمى والمنازل) و (آلت أمور الشرك شر مآل) و (بذّ الجلاد البذّ (١) فهو دفين). ولم يلبث تيوفيل إمبراطور بيزنطة أن أغار على زبطرة بالقرب من سميساط والحدث فى طرف بلاده، واستشاط المعتصم غضبا، فجهّز الجيوش لغزو الروم، والتقى بتيوفيل وهزمه هزيمة ساحقة. افتتح على إثرها عمورية وتفرقت جيوشه فى آسيا الصغرى تمحق الروم محقا. وتوطئهم صغارا وذلا. وكان لمحمد بن يوسف الثغرى فى تلك الحروب دور كبير جعل أبا تمام يتغنّى به وبانتصاراته طويلا على نحو ما تصور ذلك قصيدتاه:(لا أنت أنت ولا الديار ديار) و (ما عهدنا كذا نحيب المشوق) وهو فيهما يسمّى كثيرا من الحصون الرومية التى افتتح أقفالها، مصورا كيف تغلغل حتى خليج القسطنطينية سائقا بين يديه مئات الأسرى والمغانم الكثيرة.
ودرّة تلك الحروب قصيدته فى عمورية التى امتدح بها المعتصم:(السيف أصدق أنباء من الكتب) وهى ملحمة رائعة.
وأخذت تتوثق علاقة أبى تمام منذ عودته من خراسان بأحمد بن أبى دؤاد مستشار المعتصم وقاضى قضاته، وبأحمد بن المعتصم وبكثيرين من رجالات الدولة وقوادها.
وما نكاد نتقدم فى سنة ٢٢٤ حتى يخلع الطاعة مازيّار بطبرستان، وما تزال جيوش الخلافة تنازله حتى تأتى به صاغرا إلى «سرّ من رأى» فى سنة ٢٢٥ فيقتل ويصلب