للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومضى فى القصيدة يذكر بلاء العباسيين فى تفويض الحكم الأموى والأخذ للعلويين بثأرهم الذى كان مهدرا وأعلن بلسان الخليفة أنه رحيم بهم شفيق عليهم لما يربطه بهم من وشائج القربى، وأن من رجع منهم عن غيه وتاب قبل منه توبته وأسدل عليه نعمه.

وكان الهادى منذ ولاية أبيه يقعد للشعراء ويمدحونه (١)، وفى مقدمتهم مروان ابن أبى حفصة وسلم الخاسر ومطيع بن إياس وأبو الخطاب البهدلىّ. وخلفه سريعا هرون الرشيد، وظل فى الخلافة نحو اثنين وعشرين عاما، ويقول الرواة إنه لم يجتمع بباب أحد ما اجتمع ببابه من الشعراء (٢)، ومن مدّاحه أبو الشّيص والعمانى وابن مناذر وعمر بن سلمة ومروان بن أبى حفصة وسلم الخاسر وأبو نواس وأبو العتاهية ومسلم بن الوليد وأشجع السّلمى والسيد الحميرى ومنصور النّمرى وأبو الغول الطّهوى، وله يذكر عقده العهد لابنيه الأمين والمأمون (٣):

بنيت لعبد الله بعد محمّد ... ذرا قبّة الإسلام فاخضرّ عودها

هما طنباها-بارك الله فيهما- ... وأنت-أمير المؤمنين-عمودها

ومن مدّاحه أيضا ربيعة الرّقىّ ونصيب الأصغر، ونراه يردّد له أن خلافته ميراث ورثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (٤)، كما نرى الشعراء يحيطونه بهالة من التقديس حتى ليقول النّمرى (٥):

إن المكارم والمعروف أودية ... أحلّك الله منها حيث تتسع

إذا رفعت امرءا فالله يرفعه ... ومن وضعت من الأقوام متّضع

ويقال إنه كان لا يرى بأسا فى أن يمدح بما تمدح به الأنبياء (٦)! . وكانت له انتصارات مدوية على الخوارج والروم، فتغنى بها الشعراء طويلا.

وولى بعده الأمين، وكان فيه لهو ومجون فلزمه أبو نواس، ومن مدّاحه أبو الشيص وعبد الله بن أيوب التيمى، وكان يكثر فى مديحه له من التنديد بأخيه


(١) أغانى ١٣/ ٣٢٦.
(٢) انظر الحيوان الجاحظ (طبعة الحلبى) ٤/ ٣٨٢.
(٣) ابن المعتز ص ١٤٩.
(٤) أغانى (طبعة الساسى) ٢٠/ ٢٥ وما بعدها.
(٥) أغانى (طبعة دار الكتب) ١٣/ ١٤٧
(٦) أغانى ١٣/ ١٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>