فرط إعجاب المهدى بالقصيدة أن سأل كم عدد أبياتها، فقال مروان: مائة، فأمر له بمائة ألف درهم، وكانت أول مائة ألف درهم أخذها شاعر فى أيام بنى العباس. ومضى مروان يردد فى مديحه للمهدى هذا الدفاع السياسى عن حق العباسيين فى وراثة الخلافة، وهو يغدق عليه عطاياه الجزيلة، ومن إحكامه لهذا الدفاع أبياته التالية التى يخاطب بها المهدى:
يا بن الذى ورث النبىّ محمّدا ... دون الأقارب من ذوى الأرحام
الوحى بين بنى البنات وبينكم ... قطع الخصام فلات حين خصام
ما للنساء مع الرجال فريضة ... نزلت بذلك سورة الأنعام
أنّى يكون وليس ذاك بكائن ... لبنى البنات وراثة الأعمام
وما زال يفد على المهدى حتى توفّى وخلفه ابنه الهادى فوفد عليه مع من وفدوا يهنئونه بالخلافة ويعزونه عن أبيه ودخل فأخذ بعضادتى الباب، ثم قال:
لقد أصبحت تختال فى كل بلدة ... بقبر أمير المؤمنين المقابر
ولو لم تسكّن بابنه فى مكانه ... لما برحت تبكى عليه المنابر
ومضى يفد على هرون الرشيد ويجزل له فى الصلات السنية، ووفد على البرامكة-شأنه فى ذلك شأن جميع شعراء الرشيد، إذ كانوا يجمعون بين مديحه ومديحهم-وله فى يحيى بن خالد البرمكى من قصيدة:
إذا بلّغتنا العيس يحيى بن خالد ... أخذنا بحبل اليسر وانقطع العسر
فإن نشكر النّعمى التى عمّنا بها ... فحقّ علينا-ما بقينا-له الشكر
ومن رائع قوله فى الفضل ابنه:
إذا أمّ طفل راعها جوع طفلها ... غذته بذكر الفضل فاستعصم الطّفل
ليحيى بك الإسلام إنك عزّه ... وإنك من قوم صغيرهم كهل
وليس له وراء المدح والرثاء شعر مذكور. وقد اشتهر ببخله وشدة حرصه وكان يلم ببغداد ثم يعود سريعا إلى اليمامة، ولذلك لم يتضح عنده التأثر بالحضارة العباسية