للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسفك دمائهم، يقول فى قصيدته (١):

سنّ ظلم الإمام فى القوم زيد ... إن ظلم الإمام ذو عقّال (٢)

والمهم أن مبدأ التقية أتاح لكثيرين من شعراء الإمامية أن لا يجاهروا الناس فضلا عن الخلفاء بحقيقة نحلهم، وقد مضى كثير منهم يعلنون موالاتهم لبنى العباس، مادحين لهم، بل إن منهم من سخّر شعره للدفاع عن حقهم فى الخلافة مبالغة فى الستر والتقية على نحو ما سنرى عند منصور النمرى. وربما كان الشاعر الإمامىّ الوحيد الذى جاهر بنحلته دعبلا، إن صح أنه كان متشيعا حقّا فضلا عن إماميته. ومن شعرائهم القاسم بن يوسف أخو أحمد بن يوسف، وقد مرّ بنا فى الفصل السابق أنه سخّر كثيرا من شعره فى رثاء الحيوان والطير، وقد عمل فى خلافة المأمون فكانت إليه جباية السواد، ونرى الصولى يروى له فى كتاب الأوراق أشعارا شيعية مختلفة فى مديح بنى هاشم وبيان فضائل على بن أبى طالب وفى رثاء الحسين وندبه ندبا حارّا، ملوحا بيده فى وجه أبى بكر وعمر وفى وجوه خصوم الإمامية، مشيرا إلى مهدّيهم الذى سيأخذ بثأرهم، يقول (٣):

إنى لأرجو أن تنالهم ... منى يد تشفى جوى الصّدر

بالقائم المهدى إن عاجلا ... أو آجلا إن مدّ فى عمرى

ومثله محمد بن وهيب كان يفد على وزراء بنى العباس وخلفائهم، وهو غال فى تشيعه وإماميته، ويروى الرواة، أنه تردّد على مجالس تذكر فيها فضائل أبى بكر وعمر وعثمان، ولا يذكر فيها شئ من فضائل على، فتولّى حنقا، وهو يقول (٤):

أغدو إلى عصبة صمّت مسامعهم ... عن الهدى بين زنديق ومأفون

لا يذكرون عليّا فى مشاهدهم ... ولا بنيه بنى البيض الميامين

لو يستطيعون من ذكرى أبا حسن ... وفضله قطّعونى بالسّكاكين


(١) مقاتل الطالبيين ص ٤١٩ والبيان والتبيين ٣/ ٣٥٧.
(٢) عقال: من العقل وهو مغرم الجناية.
(٣) كتاب الأوراق للصولى (أخبار الشعراء) ص ١٨٢.
(٤) أغانى (طبعة الساسى) ١٧/ ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>