للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شربت بمكة فى ربى بطحائها ... ماء النبوة ليس فيه مزاج (١)

فأمرت له أمه زبيدة بمائة ألف درهم، ويقال إنه لم يتولّ الخلافة أحد أبوه وأمه من بنى هاشم إلا على بن أبى طالب ومحمد الأمين». ومعروف أن الأمين ولد سنة ١٧٠ ومعنى ذلك أن دخول أشجع عليه ومدحه كانا فى سنة ١٧٤ وفى ابن المعتز ما يدل على أن البيتين من قصيدة مدح بها الرشيد. وسنراه يكثر من مدحه فى حربه لنقفور، وقد مضى يوثق عهده للمأمون بولايته العهد بعد أخيه الأمين توثيقا شديدا بقوله:

بيعة المأمون آخذة ... بعنان الحقّ فى أفقه

لن يفكّ المرء ربقتها ... أو يفك الدين من عنقه

وله من وجه والده ... صورة تمت ومن خلقه

وكتب الرشيد لولديه كتابا بهذا العهد، وعلّقه فى سقف الكعبة سنة ١٨٢ فانبرى أشجع يصوب رأيه ويؤكّده فى قصيدة طرب لها الرشيد.

على أن ضلته به إنما كانت فى ثنايا صلة وثيقة بجعفر بن يحيى البرمكى وأبيه وأخيه، حتى لكأنما اقتطعوه منه، ويقال إن أنس بن أبى شيخ كاتب جعفر هو الذى وصله به، ثم انعقدت صلته بأخيه الفضل وأبيه يحيى وكان أول ما أنشده:

ذهبت مكارم جعفر وفعاله ... فى الناس مثل مذاهب الشّمس

ملك نسوس له المعالى نفسه ... والعقل خير سياسة النّفس

فأمر له بعشرة آلاف درهم، وكان جعفر حينئذ بمجلس فى أحد قصورهم بحى الصالحية. فقال له صف موضعنا، فأنشد على البديهة:

قصور الصلطانيّة كالعذارى ... لبسن ثيابهن ليوم عرس

مطلاّت على روض كسته ... أيادى الماء وشيا نسج غرس

إذا ما الطّلّ أثّر فى ثراه ... تنفّس نوره من غير نفس (٢)


(١) بطحاء مكة: واديها بين الربى والجبال وكانت تنزله فى الجاهلية عشائرها الشريفة.
(٢) الطل: الندى والمطر الخفيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>