وهذان بالألف دائما لغة لبنى الحارث بن كعب. . ومنها الاختلاف فى صورة الجمع نحو أسرى وأسارى. ومنها الاختلاف فى التحقيق والاختلاس نحو يأمركم بضم الراء وتسكينها ونحو عفى له بتسكين الفاء وكسرها. ومنها الاختلاف فى الوقف على هاء التأنيث مثل هذه أمة وهذه أمت. ومنها الاختلاف فى الزيادة نحو أنظر وأنظور» وقال ابن فارس إنه «يقع فى الكلمة الواحدة لغتان كقولهم الحصاد والحصاد بكسر الحاء وفتحها، ويقع فى الكلمة ثلاث لغات نحو الزّجاج والزّجاج والزّجاج بضم الزاى وفتحها وكسرها، ويقع فى الكلمة أربع لغات. . . ويكون فيها خمس لغات نحو الشّمال والشّمل والشّمل والشّمأل والشّيمل. ويكون فيها ست لغات نحو قسطاس بضم القاف وكسرها وبإبدال السين صادا مع ضم القاف وقستاط وقسّاط وقسّاط.
ووراء هذه الاختلافات فى نطق الكلمات كان بينهم اختلاف كثير فى التعبير عن بعض المسميات مما نشأ عنه كثرة المترادفات فى العربية مثل الذهب والعسجد والغيث والمطر والقمح والبرّ، قال الجاحظ فى البيان والتبيين: «القمح لغة شامية والحنطة لغة كوفية والبر لغة حجازية» ويقول المفسرون فى تفسير قوله تبارك وتعالى: {(وَفُومِها)} الفوم هو الحنطة. وكما يكون الترادف فى الأسماء يكون فى الأفعال مثل تقاتلوا وتعاركوا وتحاربوا وتواقعوا وتخاصموا. وكثيرا ما ينشأ الترادف من اختلافات لهجاتهم فى حذف بعض الحروف أو إبدال بعضها ببعض مثل جدث وجدف بمعنى القبر ومثل تابوت وتابوه وثابوت ومثل ادكر واذكر وساط وشاط بمعنى اختلط، ومثل لثام ولفام فى لغة ومثل سجعت الحمامة وسجحت بالحاء ومثل حظوة وحظة فى لغة.
والترادف فى العربية كثير كثرة مفرطة، وهو يردّ فى جمهوره إلى اختلاف اللهجات واختلاف القبائل فيما وضعته للمعانى الحسية والذهنية من أسماء وأفعال، فإن اللغويين جمعوا كل ما دار على ألسنة القوم، وبذلك اتسعت مادة المعجم العربى اتساعا شديدا، وهو فى حقيقته معجم عدة لهجات، نظمت فى سلك واحد هو العربية، وحقّا ميّز اللغويون فى ماحثهم الشواذ والشوارد والنوادر والمنكر والمتروك وغير الفصيح وساقوا فى ذلك شواهد احتفظ السيوطى فى المزهر بكثير منها،