للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كفى جفوة الإخوان طول حياته ... وأورث مما كان أعطى وخوّلا (١)

وفى أخباره ما يدل على أنه كان يكثر من الاختلاف فى بغداد إلى مجالس الأدب، ويظهر أيضا أنه كان يختلف إلى مجالس المتكلمين إذ يكثر الجاحظ فى بيانه من النقل عنه. وقد تألق نجمه فى عصر الرشيد والبرامكة، وفيه يقول ابن المعتز: «كان يمدح الخلفاء والوزراء والأشراف فيعطى الكثير»، ومن شعره فى يحيى البرمكى:

يا راعى السلطان غير مفرّط ... فى لين مختبط وطيب شمام (٢)

حتى تنخنخ ضاربا بجرانه ... ورست مراسيه بدار سلام (٣)

وأكثر مدائحه فى صاحبه عثمان المرى وفى محمد بن منصور بن زياد كاتب البرامكة الملقب بفتى العسكر لقيامه على ديوان الجيش، وفيه يقول:

زاد معروفك عندى عظما ... أنه عندك مستور حقير

تتناساه كأن لم تأته ... وهو عند الناس مشهور خطير

ويظهر أن صلة وثيقة انعقدت بينه وبين الحسن بن البحباح البلخى كاتب الفضل بن يحيى البرمكى، إذ نراه يكتب له قصيدة بديعة حين ولى مصر للرشيد سنة ١٩٣ يعبر فيها عن شدة شوقه إليه، ومدى ما كان يتوثق بينهما من مودة وصداقة، وفيها يقول:

إلى صاحب لا يخلق النّأى عهده ... لناء ولا يشقى به من يصاقبه (٤)

هو الشهد سلما والذّعاف عداوة ... وبحر على الورّاد تجرى غواربه (٥)

فيا حسن الحسن الذى عمّ فضله ... وتمّت أياديه وجمّت مناقبه (٦)

إليك على بعد المزار وصعبه ... نوازع شوق ما تردّ عوازبه (٧)


(١) خول: أنعم.
(٢) مختبط: من اختبطه إذا سأله بدون قرابة أو معرفة. شمام: دنو وقرب.
(٣) تنخنخ: من تنخنخ البعير إذا برك وجم على الأرض. الجران: عنقه. وضرب بجرانه: استقر واستقام.
(٤) يخلق: يبلى. يصاقبه: يجاوره.
(٥) غواربه: أعالى موجه.
(٦) جمت: كثرت.
(٧) عوازبه: جمع عازب وهو البعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>