فيه فكان يحسده ويهجوه فيحلم عنه، وحدث أن قدم على بعض الخلفاء فأكرمه وخلع عليه ووصله بمال كثير، ورجع إلى البصرة، فاستقبله جلّتها استقبالا حافلا، أما عبد الصمد فاستقبله بقوله:
ولما أن أتته دريهمات ... من السلطان باع بهنّ ربّه
كسبت أبا الفضول لنا معابا ... وعارا قد شملت به وسبّه
وفكر أحمد فى أن يجاور فى الثغور ويجاهد فى جيش إسحق بن إبراهيم المصعبى صاحب بغداد وحاكمها ولم يكد يلقاه حتى أنشده شعرا مدحه به، فأمر له بخمسمائة دينار. وبدا لأحمد أن يعود إلى البصرة، فتلقاه عبد الصمد بقوله:
يرى الغزاة بأن الله همّته ... وإنما كان يغزو كيس إسحاق
فباع زهدا ثوابا لا نفادله ... وابتاع عاجل رفد القوم بالباقى (١)
وكان لا يخفّ على نفسه أحد أبناء أخيه، ويقال إنه كان فيه تيه وعجب، فتولاه كما تولى أباه بأهاج كثيرة من مثل قوله:
يا أبغض الناس فى عسر وميسرة ... وأقذر الناس فى دنيا وفى دين
لو شاء ربى لأضحى واهبا لأخى ... بمرّ ثكلك أجرا غير ممنون
إن القلوب لتطوى منك يابن أخى ... إذا رأتك على مثل السّكاكين
وطبيعى وهذا شأنه فى أهله أن يعظم شره على من حوله من الشعراء، وأن يقود معهم معارك هجاء كثيرة، وهى معارك كثرت فيها السهام المسمومة. على نحو ما نجد فى أهاجى حمدان بن أبان له، إذ قذف أمه الزرقاء طويلا، وكان كثيرا ما يأتى هو نفسه الشعراء من هذه الجهة لا يتورّع، من مثل قوله فى أبى رهم:
لو جاد بالمال أبو رهم ... كجوده بالأخت والأمّ
أضحى وما يعرف مثل له ... وقيل أسخى العرب والعجم
واشتبك مع الجمّاز ابن أخت سلم الخاسر، وكان لا يقلّ عنه خبثا فى
(١) الرفد: العطاء.