وقوله:
أحرم منكم بما أقول وقد ... نال به انعاشقون من عشقوا
صرت كأنى ذبالة نصبت ... تضيئ للناس وهى تحترق
وكانت تكثر بينه وبينها المراسلات، وربما زارته زورة قصيرة ومضت، مخلّفة وراءها حسراته وآلامه وعذابه، وربما اضطرت إلى أن تهجره طويلا أو قصيرا أو أن تزورّ عنه فى بعض زياراته لها، فكان يجزع أشد الجزع ويبكى أحر البكاء بمثل قوله:
أبكى الذين أذاقونى مودّتهم ... حتى إذا أيقظونى للهوى رقدوا
جاروا علىّ ولم يوفوا بعهدهم ... قد كنت أحسبهم يوفون إن عهدوا
لأخرجنّ من الدنيا وحبّكم ... بين الجوانح لم يشعر به أحد
وقوله:
لما رأيت الليل سدّ طريقه ... عنى وعذّبنى الظلام الرّاكد
والنّجم فى كبد السماء كأنه ... أعمى تحيّر مالديه قائد
ناديت من طرد الرقاد بسدّه ... مما أعالج وهو خلو هاجد
ألقيت بين جفون عينى حرقة ... فإلى متى أنا ساهر يا رافد
وفى قصيدة هذه المقطوعة يقول:
والله لو أن القلوب كقلبها ... ما رقّ للولد الصغير الوالد
وخرجت من ملك محمد بن منصور إلى ملك بعض أمراء البيت العباسى وحجّ بها، فمضى يبكيها بدموع غزار مصورا حبه لها وهيامه فى أشعار كثيرة من مثل قوله من رسالة شعرية أرسل بها إليها:
أزين نساء العالمين أجيبى ... دعاء مشوق بالعراق غريب
كتبت كتابى ما أقيم حروفه ... لشدة إعوالى وطول نحيبى