فأشخصه إليه، فمدحه بعدة قصائد، وأثابه عليها عطاء جزيلا. غير أنه حنّ إلى موطنه، فعاد إليه، وكان لا يبرحه إلا قليلا، مما كان سببا فى إخمال ذكره، لبعده عن بلاط الخلفاء ومخالطة الشعراء فى بغداد. ولم ترو له كتب الأدب شيئا من مديحه فى المهدى إنما روت له مقطوعة من قصيدة بديعة قالها فى العباس بن محمد بن على بن عبد الله بن العباس صفىّ الرشيد، وفيها يقول:
لو قيل للعباس يا بن محمّد ... قل: لا، وأنت مخلّد، ما قالها
ما إن أعدّ من المكارم خصلة ... إلا وجدتك عمّها أو خالها
وإذا الملوك تسايروا فى بلدة ... كانوا كواكبها وكنت هلالها
وجزاه جزاء بخسا إذ بعث إليه بدينارين، فجنّ غيظا، وهجاه هجاء مريرا.
وعلم الرشيد القصة فغضب على العباس، وأمر لربيعة بثلاثين ألف درهم وخلعة.
وممن صلى هجاءه لنقص عطائه معن بن زائدة، ومنهم يزيد بن أسيد السّلمى، وكان قد ردّه ردّا غير جميل، بينما أوسع له فى العطاء يزيد بن حاتم المهلبى، فمضى يقول أبياته السائرة:
لشتّان ما بين اليزيدين فى النّدى ... يزيد سليم والأغرّ ابن حاتم
يزيد سليم سالم المال والفتى ... أخو الأزد للأموال غير مسالم
فلا يحسب التّمتام أنى هجوته ... ولكننى فضّلت أهل المكارم
وقد تعلق بغير جارية، مما جعله ينظم غزلا كثيرا، ويقول ابن المعتز: أما شعره فى الغزل فإنه أشعر أهل زمانه جميعا، وما أجد أطبع ولا أصحّ غزلا منه، ويقول أيضا:«كان ربيعة أشعر غزلا من أبى نواس لأن فى غزل أبى نواس بردا كثيرا وغزل هذا سليم سهل عذب». وغزله يسلك فى الغزل الصريح إذ كان فيه لهو حتى لقّب بالغاوى، وممن كان يهواهن جارية يقال لها «عشمة» كانت أمة لرجل من أهل قرقيسياء، وقعت فى قلبه، فظل يتغنى بها على شاكلة قوله: