للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الملك بن مروان الحجاج بن يوسف فى حروبه ضد الثوار، وقد أقام بالكوفة وتزوّج بها فولد له مطيع، وبها كان منشؤه ومرباه. وقد نسبه أبو الفرج إلى كنانة، ثم عاد فتشكك فى هذا النسب محسّا أنه من صنع الرواة. وكل شئ فيه يؤكد أنه لم يكن عربيّا إنما كان من الموالى، فقد كان متحلل الأخلاق مجاهرا بالفسق والعصيان والزندقة والإلحاد، ومضى فى مطالع شبابه يمدح الغمر بن يزيد بن عبد الملك ويظفر بجوائزه السنية، ووصله بأخيه الوليد، فسلكه فى ندمائه

وعاد مع حماد عجرد بعد وفاة الوليد بن يزيد إلى الكوفة، وغرقا فى اللهو والمجون والفسق والعصيان مع يحيى بن زياد وغيره من الخلعاء والمجان. واتصل بعبد الله ابن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبى طالب ونادمه، ورافقه فى ثورته على الأمويين حتى إذا قتل عاد إلى الكوفة يحتسى كئوس الخمر حتى الثمالة.

وليست هناك سوءة من سوءات العصر إلا وتضاف إليه. وكان فيه ظرف ودعابة، مما جعله محبّبا إلى رفاقه، وله معهم نوادر كثيرة، من ذلك أن صديقه يحيى بن زياد قال له يوما: انطلق بنا إلى فلانة المغنية صديقتى فإن بينى وبينها مغاضبة، لعلك تصلح بيننا فدخلا إليها، وأقبل يحيى يعاتبها ومطيع ساكت، حتى إذا أكثر يحيى قال لمطيع: ما يسكتك؟ فتوجه إليها مطيع قائلا:

أنت معتلّة عليه ومازا ... ل مهينا لنفسه فى رضاك

فأعجب يحيى ما سمع، وهشّ له مطيع، ثم قال:

فدعيه وواصلى ابن إياس ... جعلت نفسى الغداة فداك

وأغربت الجارية فى الضحك. وفى كتاب الأغانى أشعار له كثيرة كان يدعو بها رفاقه إلى اللهو والقصف فى داره وفى البساتين والأديار. وغزله فى الغلمان قليل، ولكن لا شك فى أنه من أوائل من أشاعوا هذا الغزل المزرى، وله غزل كثير فى القيان الكوفيات وخاصة فى جوهر، وفيها يقول:

أنت يا جوهر عندى جوهره ... فى قياس الدّرر المشتهره

أو كشمس أشرقت فى بيتها ... قذفت فى كل قلب شرره

<<  <  ج: ص:  >  >>