ولم يلبث ظرفه أن فتح له أبواب القصر العباسى، فتحها له جعفر بن المنصور.
وكان فيه خبث، فانتهز فرصة إعلان المنصور بيعته لابنه المهدى بولاية العهد من بعده، وتقدم عقب فراغ الخطباء والشعراء من إشادتهم بالمهدى، فروى حديثا مصنوعا لتوّه زاعما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:«المهدى منا محمد بن عبد الله وأمه من غيرنا، يملؤها عدلا كما ملئت جورا». وسرّ من صنيعه المنصور، وحفظ ذلك له المهدى. ويقال إنه ارتفع إلى المنصور أنه ماجن زنديق فهمّ بإنزال عقاب صارم به غير أن ابنه المهدى تشفع فيه فعفا عنه، وبذل له المهدى مائتى دينار، وأوصى به والى البصرة فولاه أعمال الصدقات. وربما كانت هذه الولاية غير صحيحة، ولكن من المؤكد أن المهدى ظل راضيا عنه، ولعل هذا الرضا هو الذى جعله يفلت من عقابه حين شدّد فى تعقب الزنادقة سنة ١٦٦ للهجرة وأطاح يرءوس كثيرين منهم. ومما يؤكد زندقته ما يقال من أن الرشيد أتى ببنت له فى الزنادقة، فأقرت بزندقتها وتوبتها قائلة: هذا دين علّمنيه أبى وتبت منه. فقيل الرشيد توبتها وردّها إلى أهلها.
ومضى مطيع يعيش لعهد المهدى منهمكا فى المجون والخلاعة والشراب والانطراح فى مواضع اللذات، ونظم فى تلك الحياة الفاجرة كثيرا من الأشعار يصف فيها الخمر أو يتغزل ببعض القيان. وله بجانب ذلك معاتبات لرفاقه تفيض حنانا وعطفا وبرّا، وخاصة مع صديقه يحيى بن زياد، ويقول ابن المعتز:«كان لا يفارقه ليلا ولا نهارا، ويرى كل واحد منهما بصاحبه الدنيا مودة ومحبة». وحدث أن تهاجرا ولم يطق مطيع الصبر على هجره فكتب إليه يعاتبه ويستعطفه مصورا ما كان منعقدا بينهما من ود متصل بمثل قوله: