للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبيلا غير سبيله، فعظّم حرمته ووسع حورته وصدع بأمره وجاهد عن حقه فى حومات الضلالة وظلمات الكفر بالحق المبين والسراج المنير، ثم جعله مصدقا لمن سبقه من الرسل ومجددا لما بعثوا له وهدى ورحمة»

ومن البلغاء المجيدين الذين كتبوا له فى دواوينه إسماعيل بن صبيح ومطرّف (١) ابن أبى مطرف العبدى الذى كان يتقلد ديوان الخراج، ويظهر أن أبا عبيد الله كان يستعين به من حين إلى حين فى كتابة بعض الرسائل الديوانية، فمما أثر له رسالة إلى بعض العمال كلها إعذار وإنذار على هذه الشاكلة (٢):

«أما بعد فإن الله حبّب إلى كل مسلم شعبة من دينه، فمنهم من حبّب إليه الصلاة فهو قانت آناء الليل ساحدا وقائما، يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه، ومنهم من حبّب إليه الزكاة فهو ينفق ماله بالليل والنهار سرّا وعلانية ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم، ومنهم من حبّب إليه الجهاد فهو بين المسلمين وبين عدوهم يذبّ عن حريمهم ويقاتل من دونهم وفاء بعهد الله وتسليما لبيعة الله، فأما الراسخون فى العلم ممن قد عرف سيرتك، وما أبدى لهم الله من سريرتك. . . فهم يعرضونك على الله فى أدبار السجود وعند إدبار النجوم ويسألونه بآلائه مخلصين وبأسمائه ملحفين أن يصيبك بعذاب من عنده أو بأيديهم، لما استحلّت جنودك من سفك الدماء، وأباحت رسلك من حرم النساء، ولظلمك اليتامى وافترائك على ذوى القربى وتعريضك إياهم فى فتوحك للعقاب والهلكة والخلاف والمعصية. فويل لك ولكتابك مما كتبت أيديكم وويل لكم مما تكسبون، وقد وردت كتبك-بحمد الله-من أمير المؤمنين-على حلم لا يوهنه الغضب وعلى عمل لا يغيره الكذب وعلى إيمان لا يستخفّه الذين لا يوقنون».

وواضح كثرة اقتباساته من ألفاظ الذكر الحكيم، من مثل قوله تعالى:

({أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً)} وقوله: ({الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً)} وقوله: ({وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ اِبْتِغاءَ مَرْضاتِ}


(١) انظر فى أخباره ترجمة ابنه عمر بن مطرف فى معجم الأدباء ١٦/ ٧٢ والجهشيارى ص ١٦٦.
(٢) جمهرة رسائل العرب ٣/ ٢١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>