للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيرته مع حاشيته وخاصته ومع الجند والرعية، استهلها بحديثه عما ينبغى على ابنه من تقوى الله وطاعته والأخذ بسنة رسوله واقتفاء آثار السلف الصالح من بعده، ثم نصحه بالاقتصاد فى أموره وعدم الريبة فى عماله مع المسألة عن شئونهم، وأمره بالحياطة للرعية وإقامة حدود الله، والنظر فى استصلاح العامة وعمارة ديارهم وبلادهم وانتظام معايشهم، كما أمره بتفقد الجند ورواتبهم والعناية بهم وبالقضاء الذى به يستقيم العدل والأمن، والعناية بالخراج وعدم الشطط فى تقديره، والعناية بأمور الفقراء والمساكين بتعاهد ذوى البؤس منهم واتخاذ دور يأوى إليها فقراؤهم وأطباء يعالجون أسقامهم، مع العمل بشريعة الله، ومع تصفح الأعمال والعمّال وما ينبغى أن يكونوا عليه من العون فى سياسة أمير المؤمنين، ومن قوله فى تضاعيفها (١):

«اعلم أنك جعلت بولايتك خازنا وحافظا وراعيا، وإنما سمّى أهل عملك ورعيتك لأنك راعيهم وقيّمهم تأخذ منهم ما أعطوك من عفوهم ومقدرتهم وتنفقه فى قوام أمرهم وصلاحهم وتقويم أودهم، فاستعمل عليهم فى كور عملك ذوى الرأى والتدبير والتجربة والخبرة بالعمل والعلم بالرياسة والعفاف ووسّع عليهم فى الرزق فإن ذلك من الحقوق اللازمة لك فيما تقلدت وأسند إليك، ولا يشغلنّك عنه شاغل، ولا يصرفنّك عنه صارف، فإنك متى آثرته وقمت فيه بالواجب استدعيت به زيادة النعمة من ربك وحسن الأحدوثة فى عملك واحترزت النّصحة من رعيتك وأعنت على الصلاح فدرّت الخيرات ببلدك، وفشت العمارة بناحيتك، وظهر الخصب فى كورك، فكثر خراجك وتوفرت أموالك وقويت بذلك على ارتباط جندك وإرضاء العامة بإفاضة العطاء فيهم عن نفسك وكنت محمود السياسة مرضىّ العدل. . واستعمل الحزم فى كل ما أردت، وباشر بعد عون الله بالقوة، وأكثر استخارة ربك فى جميع أمورك وافرغ من عمل يومك ولا تؤخره لغدك، وأكثر مباشرته بنفسك، فإن لغد أمورا وحوادث تلهيك عن عمل يومك الذى أخرت، واعلم أن اليوم إذا مضى ذهب بما فيه، فإذا أخرت عمله اجتمع عليك أمر يومين، فشغلك ذلك حتى تعرض عنه،


(١) تاريخ الطبرى ٧/ ١٦٠ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>