للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بطانته يشكون احتباس أرزاقهم: «من صبر فى الشدة شارك فى النعمة (١)، وتوقيع المنصور على شكوى لأهل الكوفة من عاملهم «كما تكونون يؤمّر عليكم (٢)» وتوقيع المهدى لشاعر: «أسرفت فى مديحك فقصّرنا فى حبائك (٣)» وتوقيع الرشيد على رسالة لوالى خراسان: «داو جرحك لا يتسع (٤)» وتوقيع المأمون على قصة متظلم: «ليس بين الحق والباطل قرابة (٥)».

ولعل وزيرا لم يبرع فى التوقيعات براعة جعفر بن يحيى البرمكى «وكان إذا وقّع نسخت توقيعاته وتدورست بلاغاته» وحكى على بن عيسى بن يزدانيروذ أنه جلس للمظالم فوقّع فى ألف قصة ونيف، ثم أخرجت فعرضت على العمال والقضاة والكتّاب وكتّاب الدواوين فما وجد فيها شئ مكرر ولا شئ يخالف الحق (٦)» وقال ابن خلدون: «كان جعفر بن يحيى يوقّع فى القصص بين يدى الرشيد ويرمى بالقصة إلى صاحبها، فكانت توقيعاته يتنافس البلغاء فى تحصيلها للوقوف فيها على أساليب البلاغة وفنونها، حتى قيل إنها كانت تباع كل قصة منها بدينار (٧)» ومما رواه له الجهشيارى من توقيعاته (٨) توقيعه على رقعة لمجوس متظلم من حبسه: «العدوان أوبقه، والتوبة تطلقه» وتوقيعه على كتاب لعلى بن عيسى ابن ماهان يعتذر فيه عن أشياء بلغته عنه: «حبّست إلينا الوفاء الذى أبغضته، وبغّض الغدر الذى أحببته، فما جزاء الأيام أن تحسن ظنك بها وقد رأيت غدراتها ورقعاتها عيانا وإخبارا». واشتهر الفضل بن سهل ذو الرياستين بتوقيعاته البليغة المحكمة، فمن ذلك توقيعه على قصة مظلوم «كفى بالله للمظلوم ناصرا (٩)» وتوقيعه على كتاب لتميم بن خزيمة بن خازم: «الأمور بتمامها والأعمال بخواتيمها والصنائع باستدامتها، وإلى الغاية جرى الجواد، فهناك كشفت الخبرة قناع الشك فحمد السابق وذمّ الساقط (١٠)». وكثيرا ما كانوا يوقعون بآية من الذكر الحكيم أو ببيت من الشعر أو بمثل من الأمثال.


(١) العقد الفريد ٤/ ٢١١.
(٢) العقد الفريد ٤/ ٢١٢.
(٣) العقد الفريد ٤/ ٢١٣.
(٤) العقد الفريد ٤/ ٢١٣.
(٥) العقد الفريد ٤/ ٢١٥.
(٦) الجهشيارى ص ٢٠٤.
(٧) مقدمة ابن خلدون ص ١٧٣.
(٨) الجهشيارى ص ٢٠٥.
(٩) الجهشيارى ص ٢٠٥.
(١٠) الجهشيارى ص ٣٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>