للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وسلم وحفظه لعترته وآله وعن القواد والأجناد وما رفع من منازلهم ووفّر من رواتبهم، وعن الأخلاق وما وطد من شيمها الرفيعة وعن المسلمين وما رعى من شئونهم وهزم من أعدائهم، ويختم الرسالة بالدعاء له دعاء كثيرا: أن يرأب الصدع وترتق الفتوق به وينكّل فى أعدائه.

ولأحمد بن يوسف رسالة فى تهنئة عبد الله بن طاهر بقضائه على ثورة عبيد الله ابن السّرى بمصر وأخرى فى تعنيت بعض العمال على ظلم أنزله ببعض الناس، ولكنهما لا تبلغان من التنميق ما بلغته الرسائل السابقة. ومن طريف رسائله الديوانية ما كتب به عن المأمون إلى عمال النواحى فى الاستكثار من القناديل بالمساجد فى شهر رمضان، وقد جاء فيها (١):

«فإن فى ذلك عمارة للمساجد، وإضاءة للمتهجدين (٢)، وأنسا للسّابلة (٣)، ونفيا لمكامن الرّيب، وتنزيها لبيوت الله عزّ وجلّ عن وحشة الظّلم».

وكان يكتب أحيانا إلى المأمون فى بعض الشئون، فيتلطف غاية التلطف، ومما يروى له من ذلك أن طلاّب الصّلات كثروا بباب المأمون، وتأخرت صلاتهم، فلما طال ذلك عليهم كتب إليه (٤):

«إن داعى نداك، ومنادى جدواك (٥)، جمعا ببابك الوفود، يرجون نائلك (٦) المعهود، فمنهم من يمّتّ بحرمة، ومنهم من يدلى بسالف خدمة، وقد أجحف بهم المقام، وطالت عليهم الأيام، فإن رأى أمير المؤمنين أن ينعشهم بسييه (٧)، ويحقق حسن ظنهم بطوله (٨)، فعل إن شاء الله»

فوقع المأمون فى كتابه: الخير متبع، وأبواب الملوك مغان (٩) لطالبى الحاجات ومواطن لهم. وأمره أن يكتب أسماء من بالباب ومراتبهم ليصير لكل شخص منهم قدر استحقاقه.


(١) الصناعتين للعسكرى ص ٢٣ وزهر الآداب ٢/ ١٣٢.
(٢) المتهجدين: من التهجد وهو الصلاة فى جوف الليل.
(٣) السابلة: السالرون فى السبل ولا مأوى لهم.
(٤) زهر الآداب ٣/ ١٣١ ومعجم الأدباء ٥/ ١٦٩.
(٥) الجدوى: العطية والنوال.
(٦) النائل: النوال والعطاء.
(٧) السيب: العطاء.
(٨) الطول: الإنعام.
(٩) مغان: منازل ومواطن.

<<  <  ج: ص:  >  >>