للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقيموا بنى أمّى صدور مطيّكم ... فإنى إلى قوم سواكم لأميل

كما وضع اللامية الأخرى المنسوبة إلى تأبّط شرّا أو إلى ابن أخته (١):

إن بالشّعب الذى دون سلع ... لقتيلا دمه ما يطلّ

وتصدّى له الأصمعى مرارا يتهمه بالوضع والنحل، فقال إنه «وضع على شعراء عبد القيس شعرا موضوعا كثيرا، وعلى غيرهم، عبثا بهم، فأخذ ذلك عنه أهل البصرة وأهل الكوفة (٢)» وعرض مرة لرواة الكوفة يصفهم بأنهم يقبلون كل ما يرد عليهم، فقال: «رواة غير منقّحين، أنشدونى أربعين قصيدة لأبى دؤاد الإيادى قالها خلف الأحمر، وهم قوم تعجبهم كثرة الرواية، إليها يرجعون وبها يفتخرون (٣)».

ويظهر أن البصريين كانوا يتحامون روايته، بينما كان يحملها الكوفيون رواة حماد وأضرابه، يقول المبرد فيه موضحا ذلك: «لم ير أحد قط أعلم بالشعر والشعراء منه، وكان به يضرب المثل فى عمل الشعر، وكان يعمل على ألسنة الناس، فيشبّه كل شعر يقوله بشعر الذى يضعه عليه. ثم نسك فكان يختم القرآن فى كل يوم وليلة، وبذل له بعض الملوك ما لا عظيما خطيرا على أن يتكلم فى بيت شعر شكوا فيه، فأبى ذلك وقال: قد مضى لى فى هذا ما لا أحتاج إلى أن أزيد فيه. وعليه قرأ أهل الكوفة أشعارهم، وكانوا يقصدونه لما مات حماد الراوية لأنه كان قد أكثر الأخذ عنه، وبلغ مبلغا لم يقاربه حماد. فلما تقرّأ ونسك خرج إلى أهل الكوفة فعرّفهم الأشعار التى قد أدخلها فى أشعار الناس، فقالوا له: أنت كنت عندنا فى ذلك الوقت أوثق منك الساعة، فبقى ذلك فى دواوينهم إلى اليوم (٤)».

وواضح من ذلك أن الكوفة هى التى حملت رواية خلف بالإضافة إلى رواية حماد، أما البصرة فقد حمل بعض الرواة روايته، ولكن الكثرة وعلى رأسها الأصمعى رفضتها. والأصمعى يقوم فى البصرة مقام المفضل الضبى فى الكوفة، وقد أشاد معاصروه ومن تلاهم بسعة علمه بالجاهلية


(١) انظر العقد الفريد ٦/ ١٥٧ والحيوان ١/ ١٨٢ وانظر مصادر الشعر الجاهلى ص ٤٥٨ وما بعدها.
(٢) مراتب النحويين ص ٤٧.
(٣) الموشح المرزبانى ص ٢٥١ وما بعدها
(٤) مراتب النحويين ص ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>