للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الخزّ ألف ثوب، وخلّف ألف فرس وألف بغل وألف بعير، وكان له ثمانون طرازا (مصنع ثياب) تنج فيها الثياب التى لملبوسه (١) وملبوس حرمه وحواشبه وخدمه.

وكان أبناء البيت العباسى يتقاضون من الدولة رواتب ثابتة، ومثلهم العلويون والهاشميون بصفة عامة، وكثيرون منهم كانوا يتولون مناصب هامة، وكان منهم دائما من يحج بالناس فى كل عام. وكان الخلفاء ما يزالون يقطعون المقرّبين منهم إقطاعات وضياعا كثيرة، بالإضافة إلى كثير من الضياع التى كانوا يرثونها عن آبائهم وأجدادهم. وكان الوزراء كثيرا ما يتقربون إليهم بالهدايا والعطايا، ويقال إن على بن عيسى وزير المقتدر كان ينفق فى كل سنة-على شحّه-أربعين ألف درهم فى صلات الطالبيبين والعباسيين وأولاد الأنصار والمهاجرين وفى مصالح الحرمين (٢) وكان المعتضد يجرى على أبناء المتوكل وأولادهم ذكورا وإناثا ألف دينار شهريّا، وكان يجرى على أولاد الواثق والمهتدى والمستعين خمسمائة دينار فى الشهر (٣).

وأعان ذلك كله على اتساع الطبقة الأرستقراطية وأن تنشأ أجيال من أبنائها غارقة فى الدعة والنعيم، وفى مقدمتهم أبناء الخلفاء والوزراء والقواد والأمراء وبالمثل أبناء كبار الكتاب، وكثيرا ما كان يصل آباؤهم إلى الوزارة، وحتى من لم يصل إلى الوزارة كان يتقاضى أحيانا مائة دينار فى الشهر وقد يرتفع راتبه إلى خمسمائة (٤)، غير ما كان يأتيهم من الهدايا وأحيانا من الرشوة وخاصة من عمال الخراج. وكان منصب القاضى منصبا رفيعا، وكان يتقاضى راتبا عاليا مائة وعشرين أو مائتين من الدنانير (٥)، ومن الحق أن منهم من كان يتعفف عن أخذ شئ نظير عمله، ولكن من الحق أيضا أن منهم من كان مترفا موسّع الرزق مثل إبراهيم بن جابر القاضى بحلب والعواصم من أرض الشام إذ يروى المسعودى أنه «قطع لزوجته أربعين ثوبا تستريّا وقصبا (حريرا) وأشباه ذلك من الثياب فى يوم واحد وخلّف أموالا عظيمة» (٦).


(١) النجوم الزاهرة ٣/ ١٨٣.
(٢) كتاب الوزراء ص ٣٢٢.
(٣) كتاب الوزراء ص ٢٠.
(٤) كتاب الوزراء ص ١٥٦ وانظر ص ٢٠، ٣١٤.
(٥) الولاة والقضاة الكندى ص ٣٧٧، ٤٢١.
(٦) مروج الذهب ٤/ ١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>