للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التأليف فى المغفلين وأصحاب النوادر والفكاهات (١).

وكانوا يشغفون-وفى مقدمتهم الخلفاء-بضروب كثيرة من الملاهى، ويقال إن مجالس المتوكل كانت تمتلئ باللعب والهزل (٢)، وممن كان يعجب بهم أصحاب السماجة أو كما نقول الآن التمثيل الهزلى، الذين كانوا يقلدون الناس فى حركاتهم وأصواتهم (٣). وكان هو وخلفاؤه كثيرا ما يتفرّجون على نطاح الكباش والديكة (٤) وتواثب السباع والفيلة. ويحكى عبيد الله بن عبد الله بن طاهر أن المعتز استدعاه، حتى إذا كان بمجلسه أسمعه غناء شارية وزمرزنام، وأراه آلة عملها أحمد بن موسى الخوارزمى من نحاس يرسل فيها الماء فيسمع لها زمر السرناى (آلة من آلات الطرب)، ثم أدخله إلى نافذة رأى منها الفيل والسبع كيف يتواثبان (٥). ومن أهم ملاهيهم لعبة الشطرنج، وكان من يحسنها تفتح له أبواب الخلفاء والوزراء والكبراء مثل أبى القاسم التوّزىّ الشطرنجىّ، ومثل محمد بن يحيى الصولى، ويقال إن المكتفى استقدمه حين علم بإحسانه لعبة الشطرنج وجعله يلعب بين يديه مع لاعب آخر كان مشهورا بلعبه هو الماوردى، ولكن الصولى قهره وغلبة (٦). ويحدثنا المسعودى بعقب ذكره ذلك عن الشطرنج وكيف أنه كان يلعب على رقعة أدم مربعة حمراء، ويعرض لآلاته وأنواعها واختلاف هيئاتها، فيذكر بجانب الرقعة المربعة السالفة رقعة مستطيلة ورقعة مدوّرة ورقعة نجومية وتسمى الفلكية. ويقول المسعودى إنه استحدثت فى زمانه رقعة للشطرنج تسمى الجوارحية، سمّوا كل بيت من أبياتها باسم جارحة من جوارح الإنسان، ويقول إن للاعبيها وهوانها فنونا من الهزل والنوادر البديعة. وكانوا يقامرون ويراهنون فى لعبة الشطرنج، وكذلك فى لعبة النّرد (الطاولة)، وكانوا يلعبونها عادة على رقعة


(١) الفهرست ص ٤٤٩.
(٢) مروج الذهب ٤/ ٤.
(٣) الديارات ص ٣٩.
(٤) مروج الذهب ٤/ ١٠٣.
(٥) الديارات ص ١١٠ ومعروف أنه كان بدار الخلافة منذ المعتصم حظيرة الحيوان تسمى حير الحيوان. انظر الأغانى (طبعة الساسى) ١٠/ ١٣٠.
(٦) مروج الذهب ٤/ ٢٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>