للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسر إذا ما الضّيف قلّ حياؤه ... ويغفل عنه وهو غير مغفّل

ولا يدفع الأيدى السفيهة غيرة ... إذا نال حظّا من لبوس ومأكل

لك البيت ما دامت هداياك جمّة ... ودمت مليّا بالشراب المعسّل

وكأن دار النخاس تعد «بارا» كبيرا وجواريه ما يزلن يختلفن إلى روّاده.

وكان كثيرات منهن مثقفات بفنون الآداب، فكن يجذبن الرجال والشباب والشعراء بجمالهن وعذوبة حديثهن، بل كان منهن كثيرات يحسنّ نظم الشعر مثل فضل الشاعرة ومثل محبوبة جارية المتوكل.

ولم يكن المجتمع العباسى يعنى بفن كما كان يعنى بالغناء والموسيقى، ويتضح ذلك من كثرة الكتب المترجمة منذ مطالع العصر فى الفن الموسيقى على نحو ما يتضح فى أوائل ترجمة إسحق الموصلى فى كتاب الأغانى وكذلك ما ساقه منها كتاب الفهرست لابن النديم، ولم يلبث العرب أن شاركوا مشاركة قوية فى هذا التأليف منذ الخليل بن أحمد صاحب العروض المتوفى سنة ١٧٠ للهجرة. ويتكاثر هذا التأليف فى القرن الثالث، وخاصة فى بيئة المتفلسفة مثل الكندى وله فى الموسيقى كتب مختلفة (١)، وكذلك لتلميذه (٢) أبى الطيب السرخسى ولقسطا (٣) بن لوقا البعلبكى، فلكل هؤلاء مؤلفات فى الموسيقى أحصاها ابن النديم فى فهرسته.

وخلف من بعدهم الفارابى بأخرة من العصر فأربى على كل سالف وخالف من اليونان والعرب جميعا على نحو ما يتضح فى مصنّفه كتاب الموسيقى الكبير، وقد استطاع أن يدخل تحسينات على آلة القانون الإغريقية. وعلى نحو ما يسوق ابن النديم كتب المتفلسفة فى الموسيقى يسوق كتب المغنين فيها وفى الغناء والمغنين والمغنيات، ولإسحق الموصلى فى ذلك نشاط واسع، ومن أشهر من خلفوه فى القرن الثالث على التأليف فى هذا الفن بذل (٤)، وكان لها كتاب فى الأغانى يشتمل على اثنى عشر ألف صوت، ودنانير البرمكية ويقول أبو الفرج لها كتاب مجرد فى الأغانى مشهور (٥)، وممن ذكرهم ابن النديم النّصبى وله كتاب فى الأغانى ألفه


(١) الفهرست ص ٣٧٣.
(٢) الفهرست ٢١٩، ٣٨٠.
(٣) الفهرست ص ٤٢٤.
(٤) الأغانى (ساسى) ١٥/ ١٣٨.
(٥) الأغانى (ساسى) ١٦/ ١٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>