للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشتهرن بالغناء على طريقتها وطريقة ابن المهدى: مهرجان ومطرب وقمرية وشرّة وقد اشتراها المعتمد بعشرة آلاف دينار

وممن كنّ يحسنّ الغناء فريدة (١) زوجة المتوكل وجاريته محبوبة (٢) وقلم (٣) الصالحية وشاجى (٤) جارية عبيد الله بن عبد الله بن طاهر، وقد نسب إليها كل ما صنعه من الغناء والأصوات. وكانت هناك جماعة كبيرة اشتهرت بالغناء على الطنبور فى مقدمتها أبو حشيشة (٥) الطنبورى الذى عاش إلى عصر المعتمد، وسليمان (٦) بن القصار الطنبورى، وكان المعتز أنيسا به، ويقال إنه غناه يوما صوتا فأعطاه مائة دينار مكيّة ومائتين مما ضرب لخزانته، وجحظة البرمكى وله ترجمة طويلة فى معجم الأدباء، وعمر (٧) الميدانى ولم يكن فى الطنبوريين أصح غناء وأكثر تصرفا منه، وعبيدة (٨) الطنبورية، وكانت تتقن الضرب على الطنبور إتقانا بعيدا. وكثيرا ما كان يأخذ الغناء شكل جوقة، وكانت آلات الغناء عادة أربعا هى العود والجنك والقانون والمزمار، وقد يوضع مكان القانون الطنبور (٩).

وكثيرا أيضا ما كان يقترن الغناء بالرقص، وفى مروج الذهب للمسعودى فصل (١٠) طريف يوضح صلته بالغناء والموسيقى وما كانت ترتفع به الحناجر من أشعار، وفيه تسمّى أنواع الرقص وفنونه بأسماء أوزان الشعر من مثل الخفيف والرمل والهزج، وبالمثل كانوا يقيسون الغناء، مما يدل أقوى الدلالة على الصلة الوثيقة بين الفنون الأربعة: الغناء والموسيقى والرقص والشعر.

وكان للجوارى فى هذا الجو المشبع بالموسيقى والغناء أثر كبير فى شيوع الظّرف والرقة واللطف، إذ دفعوا الشباب والشيوخ إلى تمثل كثير من العواطف والمشاعر التى تملأ قلوبهم لينا وبرّا وعطفا وودّا، وقد خلبوا ألبابهم بحديثهن الساحر الذى يصب فى القلوب تارة رحيقا وتارة حريقا، حديث العشق وما يشيع فيه من


(١) أغانى ٤/ ١١٤.
(٢) أغانى (ساسى) ١٩/ ١٣٢.
(٣) أغانى (دار الكتب) ١٣/ ٣٤٧.
(٤) أغانى (ساسى) ٨/ ٤٢ ونشوار المحاضرة ١/ ٦٣ والديارات ص ١١١ وما بعدها.
(٥) تاريخ بغداد للخطيب البغدادى ٣/ ٥٧ والفهرست ص ٢١٤.
(٦) أغانى (دار الكتب) ١٤/.
(٧) أغانى (ساسى) ٢٠/ ٦٦.
(٨) أغانى ١٩/ ١٣٤.
(٩) التنوخى على المطرف؟ ؟ ؟ ٢/
(١٠) مروج الذهب ٤/ ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>