للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سند كامل لها يرفعه ابن الأنبارى إلى ابن الأعرابى تلميذ المفضل وربيبه، ويقول ابن النديم: «هى مائة وثمانية وعشرون قصيدة، وقد تزيد وتنقص وتتقدم القصائد وتتأخر، بحسب الرواية عن المفضل، والصحيحة التى رواها عنه ابن الأعرابى (١)» ومعنى ذلك أن فى أيدينا أوثق نسخة للمفضليات. وتعلّق عبد السلام هرون وأحمد شاكر ناشراها فى دار المعارف بنص عن الأخفش يزعم أنها كانت ثمانين ألقاها المفضل على المهدى، وزاد فيها الأصمعى أربعين، ثم زاد البقية بعض تلاميذه (٢). وربما جاء الأخفش اللبس (٣) من أن الأصمعيات تلتقى معها فى تسع عشرة قصيدة، وأيضا فقد جد الرواة يقولون إن أبا جعفر المنصور حين عهد إلى المفضل بتثقيف ابنه المهدى بالشعر القديم اختار له ثمانين قصيدة، فلما وجدها قد زادت عن الثمانين ووجدها تلتقى مع الأصمعيات فى بعض القصائد ظن أن الأصمعى وتلاميذه هم الذين أضافوا فيها هذه الزيادات، ولو أنه اطلع على رواية ابن الأعرابى خصم الأصمعى لزايله هذا الوهم، وكأن المفضل اختار أولا ثمانين ألقاها على المهدى، ثم زادها إلى مائة وثمانية وعشرين كما جاءت فى رواية تلميذه ابن الأعرابى.

وهى موزعة على سبع وستين شاعرا منهم سبع وأربعون جاهليّا وعلى رأسهم المرقشان الأكبر والأصغر والحارث بن حلّزة وعلقمة بن عبدة والشّنفرى وبشر بن أبى خازم وتأبط شرّا وعوف بن عطية وأبو قيس بن الأسلت الأنصارى والمسيّب وبينهم امرأة من بنى حنيفة ومجهول من اليهود ومسيحيان هما عبد المسيح بن عسلة الشيبانى وتتضح مسيحيته فى اسمه، ثم جابر بن حنى التغلبى، ونراه يقول فى مفضليته:

وقد زعمت بهراء أن رماحنا ... رماح نصارى لا تخوض إلى الدّم

ولو لم يصلنا من الشعر الجاهلى سوى هذه المجموعة الموثقة لأمكن وصف تقاليده وصفا دقيقا، فقد مثلت جوانب الحياة الجاهلية ودارت مع الأيام والأحداث


(١) الفهرست ص ١٠٢.
(٢) ذيل الأمالى ص ١٣١.
(٣) ذهبنا إلى أنه لبس، وربما كان بعامل التنافس بين البصريين والكوفيين، فالأخفش البصرى يريد أن يقول إن المفضليات من صنع البصريين والكوفيين جميعا لما كان لها من شهرة فى عصره فاقت شهرة الأصمعيات.

<<  <  ج: ص:  >  >>