للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمرتجع منى حباء خلائف ... توليت تسيير المديح لهم وحدى

تصور جزعه المفرط، ويتوفّى عبيد الله سنة ٢٦٣ ويخلفه الحسن بن مخلد، فيمدحه بقصائد مختلفة شاكيا ضارعا، فيجعل أمره إلى كاتبه السّيبى، ولا يسارع إلى استرضائه، فيشكوه إلى ابن مخلد بحائيته (١):

لك الخلائق فينا السهلة السّمح ... والنّيل يسلس للرّاجى وينسرح

ولا يكاد يسمعها الحسن حتى يبلغ بالبحترى ما يريد، ويزيل المطالبة عنه.

ويترك الحسن الوزارة سريعا ويتولاها سليمان بن وهب الذى استوزره المهتدى من قبل، ويقدم إليه البحترى مدائحه، ويعصف به الموفق فى سنة ٢٦٥ فيحبسه ويصادر أمواله. ويخلفه على الوزارة أحمد بن صالح بن شيرزاد لمدة شهر واحد، وللبحترى فيه مدائح مختلفة، ويلى الوزارة بعده أبو الصقر إسماعيل بن بلبل بينما يلى الكتابة للموفق صاعد بن مخلد، ويكثر البحترى من مديح ابن بلبل، ويهجو له فى بعض مديحه ابن شيرزاد الذى طالما مدحه، ويمدح كاتبه جرادة على حين يذم كاتبا آخر كان نصرانيّا يسمى إسرائيل، ويلحّ على ابن بلبل فى قصائد كثيرة أن يأذن له بالرحيل إلى موطنه بمثل قوله (٢):

وأعتقت الرّقاب فمر بعتقى ... إلى بلدى وأنت به جدير

وأكثر حينئذ من مديح صاعد بن مخلد كاتب الموفق، وكان من وجوه النصارى، وحين استكتبه الموفق أعلن إسلامه وله فيه وفى أخيه عبدون الراهب وابنه أبى عيسى العلاء مدائح كثيرة. وكان أبو عيسى مثقفا ثقافة واسعة بعلم الفلك، مما جعل البحترى يكثر له فى إحدى مدائحه من ذكر النجوم (٣). ومن كبار الكتّاب الذين مدحهم حينئذ أبو العباس أحمد بن ثوابة صاحب ديوان الرسائل. وفى أثناء ذلك كان يمدح كثيرين من العمال والولاة وأصحاب الخراج والكتّاب والقواد مثل وصيف الصغير وأذكوتكين والهيثم بن عبد الله التغلبى والى الموصل وأحمد بن محمد بن بسطام والى الشام وسيما الطويل والى حلب والعواصم ورافع بن هرثمة والى الرى


(١) الديوان ١/ ٤٣٨ وأخبار البحترى ص ١١٠.
(٢) الديوان ٢/ ٩١٦.
(٣) الديوان ٢/ ١٢٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>