للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتّاب الجبل وأنفذ إليهم ذات مرة غلامه نصرا ليطالبهم برسومه (١). وممن كان يمدحهم كثيرا أبو جعفر أحمد بن محمد الطائى والى الكوفة وآل نوبخت. وكان كثير الإلمام ببغداد، وعنى بمديح كثيرين من آل طاهر حكّامها كما مرّ بنا، كما مدح بعض أعيانها وعلمائها مثل عبد الله بن الحسين بن سعد القطرّبلى والمبرّد النحوى، ومدح عبيد الله بن خرداذبة الجغرافى صاحب البريد بناحية الجبل. ويبدو أن أصحاب الخراج عادوا يتعقبون البحترى ويطالبونه بخراج إقطاعاته الكثيرة، مما جعله يسأل ابن بلبل المعونة فى خراجه، كما يسأل المعتمد نفسه قائلا (٢):

أخشى الخراج وقد دعوت لعظمه ... ملك الملوك ورافد الرّفّاد

ومضى عمال الخراج يشقلون عليه، وهو كل يوم يمثل بين أيديهم شاكيا ملحّا فى أن يحطّوا عن كاهله ما يطلبونه منه، ولا يكاد يظفر بما يبتغى منهم، فيفكر فى مبارحة العراق، ويمدح ابن طولون صاحب مصر والشام حينئذ ويصرّح فى مديحه له بما فى نفسه قائلا (٣):

فأصبحت فى بغداد لا الظلّ واسع ... ولا العيش غضّ فى غضارته رطب

أأمدح عمّال الطّساسيج راغبا ... إليهم ولى بالشام مستمتع رغب (٤)

وكل شئ يؤكد أن البحترى كان قد أثرى ثراء فاحشا منذ عصر المتوكل، فإنه نثر عليه أموالا جمة وإقطاعات عديدة، بالإضافة إلى ما أغدق عليه الفتح بن خاقان وغيره من رجال الدواوين، وخاصة آل المدبر وفى مقدمتهم إبراهيم، وكان هو وأخوه أحمد من كبار الموظفين فى دواوين الخراج والضياع، ويقول الصولى إنه كان يوجب على إبراهيم فى كل سنة أن يسقط أكثر خراجه أو يؤديه عنه، وإنه استماحه مرة لشراء ضيعة فلامه لكثرة ضياعه، وقال له: تكفيك ضياعك فقد


(١) الديوان ٣/ ١٨٥٦.
(٢) الديوان ٢/ ٧٣٤.
(٣) الديوان ١/ ١٢٣.
(٤) الطساسيج: الإقطاعات والضياع، ويقال إن سواد العراق كان مقسما إلى ستين طسوجا. رغب: متسع.

<<  <  ج: ص:  >  >>