للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخذ يولّيه بعض المناصب وهو صغير، وكان إذا غاب أنابه عنه. وكان يعطف على ابن الرومى قبل تولى أبيه الوزارة، ويقال إنه كان يجرى عليه راتبا، حتى إذا دانت الدنيا لأبيه أخذ يجزل له فى العطاء، مما جعل ابن الرومى يصفيه مديحا رائعا. ولا نكاد نقبل على سنة ٢٨٢ حتى تعاود ابن الرومى طبيعته، وكأنما ضاق القاسم وأبوه بكثرة شكواه والحاحه المتكرر على العطاء، ويبدو أن بعض الوشاة الحساد أخذوا يدسون عليه عندهما، فحاولا إبعاده، وشعر بضيق شديد فأخذ يعاتبهما، وازداد الأمر-فيما يبدو-سوءا إذ منعا عنه الجائزة أحيانا، فأخذ يستعطفهما، غير أنهما لم يصيخا له، على الرغم من استصراخهما لبؤسه، وعبثا يناديهم ألا يضنوا عليه بالقوت وأن يعرفوا له حق الأديب (١) حينئذ يفزع إلى قوسه القديم، قوس الهجاء المرير، ويريش لهما سهاما مصمية من مثل قوله (٢):

تسميتم فينا ملوكا وأنتم ... عبيد لما تحوى بطون المزاود

لكم نعمة أضحت بضيق صدوركم ... مبرّأة من كلّ مثن وحامد

فإن هى زالت عنكم فزوالها ... يجدّد إنعاما على كل ماجد

ويفسد ما بينه وبين آل وهب فسادا لا يمكن رأبه.

وتتردد فى الديوان بأخرة من حياة ابن الرومى شخصيات من آل الفرات الذين سيسطع نجمهم فى عهد المقتدر، كما تتردّد أسماء شخصيات كثيرة مثل أحمد بن محمد الطائى والى الكوفة لعهد المعتمد، ويبدو أنه ظل متصلا به حتى أواخر حياته.

ويلقانا محمد بن داود بن الجراح الكاتب وأحمد بن محمد الواثقى صاحب شرطة بغداد وعيسى بن موسى المتوكل الذى نعى عليه بخله بمقطوعات ساخرة، وكاتب مسيحى للقاسم يسمى عمرا، وله فيه أهاج تقطر سمّا زعافا، وابن فراس وكان فيما يبدو لغويّا.


(١) الديوان ص ٢١٢.
(٢) الديوان ص ٣٩٦ - ٣٩٧ وانظر مقطوعة فى كتاب ابن الرومى لروفون جيست ص ١٧٨ يدعى فيها أن آل وهب أحيوا دين الصليب وعنوا بتشييد الكنائس وهدم المساجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>