للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصبهانى الكسروى وبينهما مكاتبات بالأشعار ومجاوبات (١) وجحظة وهو الذى أعطاه لقبه الذى اشتهر به. وكان شغوفا مثل أبيه بالصيد، وسنعرض لبعض أشعاره فيه. وينبغى أن نلاحظ أن مجالسه لم تكن لهوا خالصا، فقد كان يختلف إليه نابهون كثيرون من علماء اللغة والأدب وفى مقدمتهم المبرد وثعلب أستاذاه وصديقاه، ويقول الصولى فى ترجمته له بكتابه الأوراق: «كانت داره مغاثا لأهل الأدب وكان يجالسه منهم جماعة».

ومرّ بنا أن أباه وهبه إقطاعا كبيرا بالشام، ولا بد أن يكون قد وهبه إقطاعا أو إقطاعات أخرى فى العراق، ومن أجل ذلك كنا نخالف من زعموا أنه كان يعيش فى إقلال، ثم كان عنده ما ورثه عن جدته قبيحة وإن كان القائد التركى صالح ابن وصيف صادر أموالها، فقد كانت لها بقية عاشت منها حتى توفيت سنة ٢٦٤. ولا بد أنه كان ينال راتبا كثيرا أو قليلا من الدولة لعهد عمه المعتمد الذى امتد حتى سنة ٢٧٩، ويروى الصولى قصيدتين له مدحه بهما، وفى إحداهما يقول (٢):

أهلا وسهلا بالإمام ومرحبا ... لو أستطبع إلى اللقاء سبيلا

ولعل ابن المعتز نظم هذه القصيدة بعد أن ردّ الموفق أخاه المعتمد عن الموصل إلى بغداد لسنة ٢٦٩ وكان قد ظن بأخيه الموفق الظنون وعزم على اللحاق بمصر. وقد يكون فى ذلك ما يدل على أن الناس ومعهم ابن المعتز كانوا يخشون حينئذ لقاء الخليفة خوفا من غضب أخيه وبطشه. وفى أخبار ابن المعتز أنه كان يروى أشعار عمه المعتمد، مما يدل على أنه كان كثير الاختلاف إلى مجالسه، وكان عاكفا على الملاذ والملاهى، فكان طبيعيّا أن يتصل الودّ بين العم وابن أخيه وخاصة إذا كان مثل ابن المعتز شاعرا وإخباريّا ظريفا. ونراه يسوق إلى عمه الموفق الذى أبلى بلاء عظيما فى محاربة الزنج والقضاء على صاحبهم قضاء مبرما غير مدحة، ويبدو أنه


(١) معجم الشعراء ص ١٤٩.
(٢) الديوان ص ٣٧٦ وفى أشعار أولاد الخلفاء ص ١٣١ أنها فى المعتضد.

<<  <  ج: ص:  >  >>