بجكم التركى حاكم واسط سنة ٣٢٩ ويتوفّى المتقى سنة ٣٣٣ فيعود إلى بغداد وسرعان ما تحل به ضائقة، فيتركها إلى البصرة سنة ٣٣٥ حيث لبّى نداء ربه ويقال بل إن الخليفة المستكفى عرف تشيعه لآل على بن أبى طالب فطلبه، وفرّ منه إلى البصرة.
وقد صنع الصولى دواوين كثيرة لطائفة كبيرة من الشعراء المحدثين فى مقدمتهم أبو نواس وأبو تمام وابن الرومى وابن المعتز، وصنّف كتبا جليلة فى أخبار الخلفاء وسيرهم وأخبار من تقدم وتأخر من الشعراء والوزراء والكتّاب والرؤساء. ومن كتبه النفيسة كتابه «الأوراق» وقد نشر منه ثلاثة أجزاء: جزء خاص بأخبار الشعراء المحدثين وجزء خاص بأشعار أولاد الخلفاء وأخبارهم وجزء خاص بالخليفتين: الراضى والمتقى. ونشر له مصنفه أدب الكتّاب وكتاب أخبار أبى تمام وهو فيه ينتصر له ضد خصومه، ولعل فى ذلك ما يصور بصره بالشعر العباسى، وأنه كان يقف فى دقة على أساليبه ومذاهبه؛ إذ نبّه على أن أبا تمام صاحب مذهب جديد فى الشعر ولام من يعيبونه ببعض أبيات فاته التوفيق فيها متناسين تحليقه فى آفاق الشعر العليا التى تنقطع من دونها الرقاب.
وعلى هذا النحو كان أبو بكر الصولى شاعرا ناقدا عالما، وكان مثقّفا ثقافة واسعة بكل مواد المعرفة فى عصره. ولم يصل إلينا ديوانه ولكن وصلت طائفة من أشعاره التى كان ينشدها الراضى فى حفلات القصر وفى المناسبات المختلفة دوّنها بنفسه فى أخباره، كما وصلت إلينا مقطوعات متنوعة احتفظت بها الكتب الأدبية والتاريخية. وسقطت من يد الزمن مدائحه فى المعتضد إلا بعض أبيات دالية ذكر المسعودى أنه أنشدها فى قصيدة مدحه بها، وفيها يقول:
لأمير المؤمنين المعتضد ... بحر جود ليس يعدوه أحد
ولم يصل إلينا من مديحه للمكتفى سوى قصيدة واحدة، وقد اضطر-كما يقول-إلى أن ينشدها المتقى حين استولى على مقاليد الخلافة، وكان قد طلب إليه أن ينشده عاجلا قصيدة يهنئه فيها بالخلافة، ويقول إنه وضع فيها كلمة المتقى بدلا من كلمة المكتفى، وفيها يقول: