للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مددت على الإسلام أكناف نعمة ... لأعطافها ظلّ عليه ظليل

ولولا بنو العباس عمّ محمّد ... لأصبح نور الحق فيه خمول

لكم جبلا الله اللذان اصطفاهما ... يقومان بالإسلام حين يميل

نبوّته ثم الخلافة بعدها ... وما لهما حتى اللّقاء حويل (١)

وكلّ ما فى القصيدة من صياغة وخيال يدلّ على أن الصولى كان يتكلف هذا المديح تكلفا. حقّا هو يبالغ فيه ويغلو على عادة شعراء الدعوة العباسية، ولكن نحس أن الكلام يفقد الروح وأنه لا يصدر عن عاطفة حقيقية، وبالمثل ما رواه له عريب فى ذيل الطبرى من مديح للمقتدر، وحتى الراضى تلميذه الذى أغدق عليه عطاياه حتى لكأنما تحولت إلى نهر فياض نجد فى مدائحه له نفس هذا الطراز المتكلف.

وكان لا يترك مناسبة من عيد أو نيروز أو فتح إلا أنشده فيها قصيدة، وقد تطول طولا مسرفا، ومع ذلك نفقد فيها الحرارة من مثل قوله يهنئه بانتصار جيوشه على مردويج الثائر بأصبهان:

آنس الله بالخليفة ملكا ... موحش الرّبع واهن التأسيس

يا نسيم الحياة أضحكت دهرا ... كان لولاك دائم التّعبيس

مردويج بسيف حظّك مقتو ... ل فأهون بذاك من مرموس (٢)

قصفته رياح أيامك الغ‍ ... رّ فأخمدن منه نار المجوس

وتولّت بمأتم الدّهر أيا ... م أتتنا تجرّ ذيل العروس

والتكلف واضح فى الأبيات، والصور لا تقع فى مكانها، فالخلافة كانت موحشة وكانت واهنة، والخليفة نسيم الحياة، نسيم أضحك دهرا كان عبوسا قمطريرا ومردويج لم يهزمه أبطال الدولة وإنما هزمه الحظ ورياح دولة الراضى الغراء، وخلعت الأيام سواد الحزن، وجاءت تجر ذيول الفرح. كلام متلاصق، وليس شعرا حيّا نابضا بروح، وربما كانت خير قصائده فيه قصيدته الدالية التى أنشدها فى مجلسه لسنة ٣٢٧ وفيها يقول:


(١) حويل: تحول.
(٢) مرموس: من الرمس وهو القبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>