للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خليفة أكملت فضائله ... ففرعه طيّب ومحتده

تعبّد المجد فهو يملكه ... طارفه عنده ومتلده

قد رضى الراضى الإله لإص‍ ... لاح زمان سواه مفسده

فهو بتفويضه الأمور إلى الل‍ ... هـ بحسن التوفيق يعضده

ولا يخفى ما فى هذه الأبيات من تكلف يتضح فى بناء الشطر الثانى من البيت الأول على سابقه، كما يتضح فى جعل المجد عبدا للممدوح وكأنه استذلّه، والجناس بين رضى والراضى شديد التكلف، وكلمة سواه نابيه فى مكانها غير مستقرة والصياغة فى البيت الرابع تتنافر أجزاؤها تنافرا شديدا. ومن هذا الطراز نفسه عزاؤه للراضى فى أخيه هرون. وهو يستهلّه على هذا النمط:

تعزّ يا خير الورى عن أخ ... لم يشب الإخلاص بالّلبس

كان صديقا وافرا ودّه ... صداقة الأنفس والجنس

تعزّ عنه بنبىّ الهدى ... محمّد إذ حلّ فى الرّمس

والقصيدة مزيج من الندب والتأبين والعزاء، مع أنه افتتحها بطلب التعزّى والتسلى، فكان ينبغى أن يقصرها على العزاء لا أن يندب فى هرون إخلاصه وصداقته لأخيه كما فى هذه الأبيات، ولا يحاول أن يذكر همته وسؤدده مؤبنا له كما فى أبيات تالية. ونحس نبوّا شديدا فى البيت الثانى إذ يذكر عن هرون أنه كان وافر الودّ، وكان يحسن أن يغير كلمة وافر بكلمة أخرى مثل صادق، وأيضا فإنه جعل صداقته لأخيه صداقة جنس، والتعبير عن الرسول عليه السلام بأنه حلّ فى الرمس خلو من رهافة الحس أو من الحس الأدبى الدقيق. وقد يكون مصدر التكلف فى العزاء والمديح جميعا أنه كان مواليا للعلويين كما قال بعض من ترجموا له، وكأن هذا الرثاء والمديح لم يكونا يتصلان بروحه وقلبه، فقلبه وروحه مع آل أبى طالب، ولسانه وحده مع العباسيين ومع ما يغدقون عليه من صلات ثرّة. وقد يشهد لذلك أننا إذا تركنا مدائحه لبنى العباس ونظرنا فيما روى له من غزل لقيتنا له مقطوعات كثيرة بديعة من مثل قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>