للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبدو أن المفجع كان شيعيّا إماميّا، فقد شاع مذهب الإمامية فى العراق من قديم، ويقولون إن لقبه المفجع لزمه ببيت قاله، وأكبر الظن أنه لقب بهذا اللقب إشارة إلى تفجعه الكثير على قتلى العلويين، وكان-على ما يظهر- يكثر من مديح الهاشميين، وخاصة أبا الحسن محمد بن عبد الوهاب الزينبى الهاشمى البصرى وفيه يقول:

للزينبىّ-إلى جلالة قدره- ... خلق كطعم الماء غير مزنّد

وشهامة تقص الليوث إذا سطا ... وندى يفرّق كل بحر مزبد (١)

يحتلّ بيتا فى ذؤابة هاشم ... طالت دعائمه محل الفرقد

بضياء سنّته المكارم تقتدى ... وبجود راحته السحائب تهتدى

وله قصيدة طويلة يمدح فيها عليّا-رضى الله عنه-سماها «ذات الأشباه» إشارة إلى أثر مسند إلى أبى هريرة ذكر فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال وهو فى محفل من أصحابه: «إن تنظروا إلى آدم فى علمه ونوح فى همه وإبراهيم فى خلقه وموسى فى مناجاته وعيسى فى سنّه ومحمد فى هديه وحلمه فانظروا إلى هذا المقبل. فتطاول الناس فإذا هو على بن أبى طالب». وعلى هدى هذا الأثر نظم المفجع قصيدته مصورا فيها مناقب على وهى تطرّد على هذا النمط:

أيها اللاّئمى لحبّى عليّا ... قم ذميما إلى الجحيم خزيّا

أشبه الأنبياء كهلا وزولا ... وفطيما وراضعا وغذيّا (٢)

كان فى علمه كآدم إذ علّ‍ ... م شرح الأسماء والمكنيّا

وكنوح نجّى من الهلك من س‍ ... يّر فى الفلك إذ علا الجوديّا (٣)

وجفا فى رضا الإله أباه ... واجتواه وعدّه أجنبيّا

كاعتزال الخليل آزر فى الل‍ ... هـ وهجرانه أباه مليّا (٤)

ولو أنّ الوصىّ حاول مسّ النّ‍ ... جم بالكف لم يجده قصيّا


(١) تقص: تدق وتحطم.
(٢) الزول: الفتى.
(٣) الجودى: جبل بشمالى العراق.
(٤) آزر: أبو إبراهيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>