فى أواخر حياته. ويجمع من ترجموا له على أنه لم يكن يتجاوز فى الغزل أربعة أبيات، وكأنه كان يرى الزيادة عنها فضلا، ويقول ابن المعتز: شعره حسن جدّا، وليس لأحد من رقيق الغزل ماله، وينشد من غزله قوله:
وضع الدموع مواضع الحزن ... حىّ السهاد وميّت الجفن
عبراته نطق بما ضمنت ... أحشاؤه ولسانه يكنى
فى كل جارحة له مقل ... تبكى على قلب له رهن
لم يدر إلا حين أسلمه ... قدر للحظة واحد الحسن
والأبيات فيها دقة فى التفكير وفيها خيال بعيد، وتعبيره بميت الجفن تعبير غريب، ومثله فى الحسن تعبيره عن الجوارح بأن لها مقلا تبكى على قلبه الذى رهنته منه صاحبته، وأيضا تعبيره عن صاحبته بأنها واحدة الحسن، وكأنه كان يحاول أن يأتى بأفكار مبتكرة، من مثل قوله:
كيف خانت عين الرقيب الرقيبا ... أخطأتنى لما رأيت الحبيبا
رحمتنى فساعدتنى فقبّل ... ت بعينى مع الحبيب الرقيبا
فهو لا يشكو من الرقيب على عادة الشعراء، فالرقيب قد رحمه وساعده، وقلب الشكوى المنتظرة شكرا، وإذا كان الشعراء ألموا بالليل ووصف استطالته شاكين من ذلك متبرمين فإنه يعترف بأن ليل المحبين دائما طويل لسهادهم المستمر، يقول:
رقدت ولم ترث للسّاهر ... وليل المحب بلا آخر
ولم تدر بعد ذهاب الرقا ... د ما صنع الدمع بالناظر
وهو ليس سهادا فحسب، بل هو سهاد ودموع وإحساس عميق بظلام لا ينتهى، وصاحبته بجانبه ولا تدرى ما يعانى من عذاب الحب المبرّح، وهو يتجرع غصص حبه محتملا مقاوما، والصباح كأنما ضل طريقه، فعم الكون ليل لا آخر له، ومن قوله: