للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمناظر هذا العيد، وقد أخذ الشراب منه مأخذا عظيما فيتغنّى بمثل قوله:

شهدت مواطن اللذّات طرّا ... وجبت بقاعها بحرا وبرّا

فلم أر مثل أشمونى محلاّ ... ألذّ لحاضريه ولا أسرّا

به جيشان من خيل وسفن ... أناخا فى ذراه واستترّا

كأنهما زحوف وغى ولكن ... إلى اللذات ما كرّا وفرّا

سلاحهما القواقز والقنانى ... وأكواس تدور هلمّ جرّا (١)

وضربهما المثالث والمثانى؟ ؟ ؟ ... إذا ما الضرب فى الحرب استحرّا

وكان مثل الحسين وعامة مجّان عصره يكثر من الغزل، وكان يستهتر فيه أحيانا ويتهتك ويتمدح بالتهتك والاستهتار مسفّا فى شعره. وكأنما كان ينظم مثل هذا اللون من الغزل للمجان من أمثاله مشيعا فيه غير قليل من الفحش. وكان ينظم بجانبه غزلا آخر لا يسفّ فيه هذا الإسفاف، بل يبقى فيه على مروءته وكرامته إن كان للمجان من أضرابه فضل من كرامة، على شاكلة قوله:

بأبى ريم رمى قل‍ ... بى بألحاظ مراض (٢)

وحمى عينى أن تل‍ ... تذّ طيب الإغتماض

كلما رمت انبساطا ... كفّ بسطى بانقباض

أو تعالى أملى في‍ ... هـ رماه بانخفاض

فمتى ينتصف المظ ... لوم والظالم قاضى

والأبيات خفيفة. ولكنه لا يلحق الحسين بن الضحاك فى عذوبة نغمه وخفة روحه وحرارة عاطفته. وكان الحسين أعف منه لسانا إذ لم يكن يسف إلى الفحش إسفافه. وقد عمّر عمرا طويلا حتى وهن العظم منه واشتعل الرأس شيئا وبلغ من الكبر عتيّا. وكان طبيعيّا أن ينصرف عنه حينئذ الجوارى. وفى ذلك يقول:

عذيرى من جوارى الحىّ ... إذ يرغبن عن وصلى


(١) القواقز: القداح كما مرّ. والأكواس: الكئوس.
(٢) الريم: الظبى خالص البياض.

<<  <  ج: ص:  >  >>