للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسلم وعمّرك الإله لأمة ... بك أصبحت قهرت ذوى الإلحاد

لو تستطيع وقتك كلّ أذيّة ... بالنفس والأموال والأولاد

وكان الواثق يغمره بجوائزه وصلاته، وغمره من بعده المتوكل بالأموال، ويقصّ صاحب الأغانى من ذلك بعض أخبار، وله فيه أيضا مدائح قصيرة كان يغنيه بها فيهتز طربا، وفيه يقول:

أكرم الله الإمام المرتضى ... وأطال الله فينا عمره

سرّه الله وأبقاه لنا ... ألف عام وكفانا الفجره

وكان يغنى الخليفتين والمنتصر من بعدهما فى غزل كثير من أشعار السابقين وفى كثير من غزله الذى نظمه فى عساليج وفى غيرها من الجوارى اللائى فتنّ قلبه وفى مقدمتهن مصابيح جارية الأحدب المقيّن وكانت تغنى فى كثير من شعره.

وهى جارية نصرانية هام بها قلبه هياما شديدا، ويقال إنه كان يلزم بيع النصارى فى أعيادهم من أجلها شغفا بها، وفيها يقول:

تتثنّى بحسن جيد غزال ... وصليب مفضّض آبنوس

كم رأيت الصليب فى الجيد منها ... كهلال مكلّل بشموس

وتتردّد فى غزله أسماء الأعياد المسيحية كما يتردد ذكر كثير من الديارات مثل دير سرجس ودير قوطا القريب من بغداد، وكان ينزل فيهما أياما مع بعض رفاقه، يشربون ويقصفون ويمجنون، وله يصوّر ما كان من هذا المجون والقصف والشراب مع بعض صحبه فى دير قوطا، إذ يقول:

يا دير قوطا لقد هيجت لى طربا ... أزاح عن قلبى الأحزان والكربا

كم ليلة فيك واصلت السرور بها ... لما وصلت لها الأدوار والنّخبا

فى فتية بذلوا فى القصف ما ملكوا ... وأنفقوا فى التّصابى المال والنّشبا (١)


(١) النشب: المال والعقار.

<<  <  ج: ص:  >  >>