للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفهود والبزاة والشواهين والصّقور والعقبان، ونعتوا الصيد من حمر الوحش وأتنه وثيرانه وبقره وظبائه ونعامه وكذلك من الأرانب والثعالب والذئاب والآساد والطير والإوزّ، وألموا بآلاته من النّبل والسهام والنشّاب والفخاخ والشباك والحبال المسماة بالأوهاق التى تجعل فى أطرافها أنشوطة وترمى على الحيوان فتمسك بعنقه.

والجلاهق وهو بندق مدوّر من طين يرمى به. وكان لهذا النشاط الواسع فى الصيد وما يتصل به من الشعر أثر فى أن أخذت تؤلّف كتب مختلفة فى البيزرة وفى المصايد والمطارد. تفصّل القول فى الصيد وآلاته وضواريه وجوارحه. وقد نظمت حينئذ طرديات كثيرة، لا نستطيع أن نستقصيها ولا أن نستقصى شعراءها لكثرتهم المغرطة، ونكتفى بالوقوف عند أعلامهم، وأول من نقف عنده على بن الجهم، وكان قد خرج يوما مع طاهر بن عبد الله بن طاهر أمير خراسان إلى الصيد واتفق لهما فى مرج للزعفران كثير من الطير والوحش، فاصطادا منهما كثيرا بالبزاة والصقور والشواهين والكلاب، وفى ذلك يقول (١):

وطئنا رياض الزّعفران وأمسكت ... علينا البزاة البيض حمر الدّرارج (٢)

ولم تحمها الأدغال منا وإنّما ... أبحنا حماها بالكلاب النّوابج (٣)

بمستروحات سابحات بطونها ... على الأرض أمثال السهام الزّوالج (٤)

ومستشرفات بالهوادى كأنها ... وما عقفت منها رءوس الصوالج (٥)

ومن دالعات ألسنا فكأنها ... لحى من رجال خاضعين كواسج (٦)

فلينا بها الغيطان فليا كأنها ... أنامل إحدى الغانيات الحوالج (٧)

قرنّا بزاة بالصقور وحوّمت ... شواهيننا من بعد صيد الزّمامج (٨)

وهو يصور الصقور والكلاب تصويرات بديعة. فمنقار الصقر كأنه صولجان،


(١) ديوان على بن الجهم ص ١٢٠.
(٢) الدرارج: جمع دراج وهو طير ملون الريش.
(٣) النوابج: النوابح.
(٤) مستروحات: تشم آثار الصيد. سابحات: مسرعات. الزوالج: التى تنزلق بسرعة.
(٥) الهوادى: الأعناق. عقفت: تعوجت. الصوالج: جمع صولجان.
(٦) دالعات: مخرجات. الكواسج: جمع كوسج وهو من لحيته على ذقنه دون عارضيه.
(٧) فلينا: فحصنا. الحوالج: اللائى يخلصن البذور من القطن.
(٨) الزمامج: جمع زمج: طير جارح أصغر من العقاب

<<  <  ج: ص:  >  >>