باسمه كتاب الإمامة والسياسة وهو منحول عليه. ومن أهم كتبه كتاب الشعر والشعراء وهو تراجم قصيرة لشعراء العرب حتى عصره، وهو منشور مرارا. وله كتاب معانى الشعر الكبير. وألف طائفة من الكتب لتثقيف الكتّاب الناشئين؛ منها كتابه «أدب الكاتب»، الذى عرضنا له فى غير هذا الموضع، وهو يمدّ الكاتب فيه بثقافة لغوية واسعة، وأهم منه كتابه «عيون الأخبار» وهو يمد الكاتب فيه بكنوز الثقافات التى تسعفه فى مادة عمله.
وابن قتيبة يعدّ أكبر مؤلف أدبى ظهر فى العصر بعد الجاحظ، وهو سنى محافظ ولذلك يكون من المنطق أن تتضح محافظته فى آرائه النقدية، غير أنه كان فيما يبدو يوازن بين النزعة المحافظة لعصره والنزعات المجدّدة المعتدلة عند الجاحظ وأمثاله من المعتزلة. ويتضح ذلك فى مقدمته الطويلة لكتابه «الشعر والشعراء» إذ نراه يعلن أنه لن ينظر إلى المتقدم من الشعراء بعين الجلالة لتقدمه ولا إلى المتأخر بعين الاحتقار لتأخره، فإن الله لم يقصر البلاغة على زمن دون زمن ولا خصّ بها قوما دون قوم. وهى نظرة منصفة، ولكنه يعود فيقول: «ليس لمتأخر الشعراء أن يخرج عن مذهب المتقدمين. . . فيقف على منزل عامر أو يبكى عند مشيّد البنيان لأن المتقدمين وقفوا على المنزل الداثر والرسم العافى، أو يرحل على حمار أو بغل ويصفهما لأن المتقدمين رحلوا على الناقة والبعير، أو يرد على المياه العذاب الجوارى لأن المتقدمين وردوا الأواجن والطوامى، أو يقطع إلى الممدوح منابت النرجس والآس والورد لأن المتقدمين جروا على ذكر منابت الشّيح والحنوة (١) والعرارة» وهى لا شك نظرة محافظة تستمد من الجو السنّى فى العصر الذى حل محل جوّ الاعتزال منذ فاتحة عهد المتوكل. وكانت هذه النظرة تلتقى مع النظرة السابقة التى لا تضع فى موازين القيمة الشعرية قدم الشعر وحداثته، حتى لا يكون محافظا جامد العقل، بل هو محافظ أميل إلى روح التجديد والمعاصرة. ومرّ بنا فى غير هذا الموضع أنه كان أحد خصوم الشعوبية، بل كان ثانى اثنين خاضا معركة حامية مع أصحاب هذه النزعة، وعرضنا هناك لمصنّفه:«كتاب العرب أو الرد على الشعوبية» وكانت له وراء ذلك فى نفس الموضوع كتب مختلفة.