ويخلف داود أخوه مكثر سنة ٥٨٤ ثم ابن أخيه المنصور بن داود. ومنه انتزع مكة قتادة الحسنى سنة ٥٩٧ وظلت إمارتها فى أبنائه إلى العصر الحديث.
وقد استطاع قتادة أن يضم تحت جناح إمارته المدينة والحجاز جميعه، وكان يخطب للسلطان العادل بن أيوب بعد الخليفة الناصر، وللكامل بن العادل سلطان مصر بعد أبيه، وكان يؤذن فى الحرم بحىّ على خير العمل على قاعدة الإسماعيلية كما يقول صاحب النجوم الزاهرة، وأيضا على قاعدة الزيدية من آبائه. وخلفه ابنه الحسن سنة ٦١٧ ونشبت الحرب بينه وبين مسعود الأيوبى أمير اليمن سنة ٦٢٠ واستولى منه مسعود على مكة والحجاز، وولّى عليهما على بن رسول ثم طغتكين التركى. وعادت مكة إلى بنى قتادة، ووليها راجح ابن قتادة سنة ٦٢٦ وظلت تتنقل بينه وبين أخيه على وجماز ابن أخيه الحسن ثم ابنه راجح حتى سنة ٦٥٢. وفى كل هذه الفترة كان أمراء مكة يولّون من قبل العباسيين حتى انقراض دولتهم سنة ٦٥٦. وكانت مصر بعد ذلك فى عهد السلاطين المماليك هى التى توليهم، وكانوا يعيّنون بجانبهم حكاما لحماية الحجاج وتنفيذ الأوامر السلطانية. ومن أهم أمراء الأسرة أبو نمىّ الأول الذى ولى مكة سنة ٦٥٢ وثبّته عليها السلطان بيبرس، وظل يلى شئونها خمسين عاما، ويقول صاحب النجوم الزاهرة: كان يقال لولا أنه زيدى النحلة لصلح للخلافة لحسن صفاته. وروى له الفاسى بترجمته فى كتابه العقد الثمين يمينا أقسمه للسلطان قلاوون صاحب مصر أشبه بعهد موثّق: أن يحمى الحجاج ويؤمّنهم، وأن يظل على طاعته وطاعة ابنه الصالح. وكان شاعرا جوادا، ومدحه شعراء كثيرون فى مقدمتهم الحنديدى.
ويخلفه فى سنة ٧٠١ ولداه: رميثة وعطيفة، ويرسل السلطان الناصر بن قلاوون إلى مكة فى سنة ٧٠٢ عشرة آلاف أردب قمحا تفرّق فى أهلها. ويستقل رميثة بمكة سنة ٧١٥ ويقبض عليه فى سنة ٧١٨ ويرسل إلى مصر، ويتولاّها أخوه حميضة. وتردّ مكة إلى رميثة. ويبلغ الناصر فى سنة ٧٣١ أنه يجهر بمذهب الزيدية، فينكر ذلك عليه، ويرسل إليه عسكرا. ويحج السلطان سنة ٧٣٢ ويأمر بأن يشترك معه أخوه عطيفة فى الإمارة، حتى إذا كانت سنة ٧٣٨ انفرد بها ثانية رميثة حتى سنة ٧٤٤ إذ ترك الإمارة لولديه: ثقبة وعجلان. ويتوفى سنة ٧٤٦ ويتأمّر الأخوان على مكة، ويجعلها المصريون لعجلان إذ كان ثقبة يعلن نصرته لمذهب الزيدية وأقام له خطيبا زيديا يخطب الناس أيام الحج، وقبض عليه المصريون ولكنه فر من سجنهم، وعاد إلى شغبه مع أخيه عجلان حتى توفى سنة ٧٦٢ فخلص الأمر لعجلان. وكان بخلاف آبائه يحب أهل السنة، وينصرهم على الشيعة الزيدية وغيرهم، وكانت مصر ترسل إليه بالميرة وبالمحمل على العادة. وكان