مناجيد، ورجال صناديد، وكثيرا ما يتحاربون مع أبناء عمهم فضل. ويروى القلقشندى عن الشهاب محمود الحلبى أنه حين غزا التتار الشام فى أيامه وكان بحمص أقبل من أهل مرا زهاء أربعة آلاف فارس شاكين السلاح على الخيل المسوّمة والجياد المطهّمة مقلدين بالسيوف وفى أيديهم الرماح ومعهم الظعائن والحمول ومعهم مغنية تعرف بالحضرمية طائرة السمعة سافرة فى الهودج تغنى أبياتا حماسية.
وكانت ديار آل فضل الفخذ الكبير الثانى من طيئ تمتد من حمص إلى أطراف العراق وتهبط يسارا إلى البصرة وتستدير نحو منازل بنى تميم واليمامة، وتشمل منازل غطفان مما يلى وادى القرى، كما تشمل منازل بنى أسد، وكان ينضم إليهم لفيف من قبائل العرب: من مذحج وعامر وزبيد وغيرهم. وكان شيوخ هذا الفخذ يولّون على إمرة العرب بتقليد من السلطان، وأول من استن ذلك السلطان العادل بن أيوب، إذ أقام على العرب أميرا منهم هو حديثة بن عقبة بن فضل، وخلفه عيسى بن محمد ثم مانع بن حديثة المتوفى سنة ٦٣٠ وخلفه مهنا الذى حضر مع المظفر قطز قتال التتار فى عين جالوت. وولّى بعده الظاهر بيبرس ابنه عيسى. وكانت العادة السلطانية أن يكتب لمن يولّى تقليد شريف بذلك، ويلبس تشريفا أطلس أسوة بالنواب إن كان حاضرا ويجهّز إليه إن كان غائبا، وتصدّر إليه المكاتبات من الأبواب الشريفة، وبالمثل كانوا يولون الأمراء على آل مرا.
وكانوا يوفّرون لهم الإقطاعات لحفظ السابلة وقوافل الحجاج وظل عيسى أميرا على العرب وآل فضل حتى سنة ٦٨٤ وخلفه لعهد المنصور قلاوون ابنه المهنا، وفى الجزء الثانى عشر من صبح الأعشى مرسوم شريف بإمرته. ويخلفه فى سنة ٧١٢ فضل أخوه، ويقال إن ابنه حجّ فى اثنى عشر ألف راحلة، وظلت الإمارة فى طيئ طويلا.
ونسمع فى داخل نجد عن إمارات كثيرة بأنحائها وقراها المختلفة فى اليمامة والعارض والوشم والقصيم يتنافس فيها الإخوة وأبناء العم، ومن أهم تلك الإمارات إمارة الدّرعية التى تأسست فى منتصف القرن التاسع الهجرى ولا نمضى طويلا فى القرن الثانى عشر حتى نرى أميرها سعودا يضم الواحات الصغيرة المجاورة لها تحت لوائه، وتوفى سنة ١١٣٧ هـ/ ١٧٢٥ م. وخلفه ابنه محمد، وهو الذى تآزر مع محمد بن عبد الوهاب فى سنة ١١٥٨ هـ/١٧٤٥ م على نشر العقيدة السلفية وقمع البدع، وأخذا يتعاونان فى ذلك حتى دان له أكثر نجد. وتوفى سنة ١١٧٩ هـ/١٧٦٥ م، وخلفه ابنه عبد العزيز ومضى فى نشر الدعوة بإقليم القصيم ووادى السرحان، وفتح بلدة الرياض. ولم يلبث أن قتل بيد شيعى سنة ١٢١٨ هـ/١٨٠٣ م وولى بعده ابنه سعود، وقد استطاع أن يمد لواء