للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن الأثير. وفصّل القول فى علم البديع*على هدى بدر الدين بن مالك، وجعله نوعين: نوعا يتعلق بالفصاحة اللفظية، وينتظم عشرين محسنا بلاغيا من مثل الجناس والترصيع والألغاز، وعدّ من هذا النوع الطباق ومردّه إلى المعنى، ونوعا ثانيا يتعلق بالفصاحة المعنوية وينتظم خمسة وثلاثين محسنا بلاغيّا. وينتقل إلى التكميلات الملحقة بالكتاب، وهى الفن الثالث من فنونه، وهو فن خاص ببيان البلاغة فى القرآن الكريم وآياته، وهو يوضح روعة فصاحته فى حروفه ومفرداته وتراكيبه ويطبّق على تعبيراته ومواطن الجمال فيها علوم المعانى والبيان البديع، ويتحدث فى إفاضة عن إعجازه البلاغى وجمال بيانه ونظمه وفصاحته ودقة معانيه الجمالية الإضافية.

وكانت قد نشطت منذ عصر يحيى بن حمزة العلوى البديعيات وهى قصائد فى مديح الرسول صلى الله عليه وسلم تتضمن أبياتها كل ألوان البديع ومحسناته، ومن أجل ذلك توضع لها الشروح، وتوزع على المحسنات البديعية فى أبواب متلاحقة، وأول من صنع ذلك على بن عثمان الإربلى المتوفى سنة ٦٧٠ وتبعه صفى الدين الحلّىّ المتوفى سنة ٧٥٠ وتلاحقت بعده سيول من هذه البديعيات فى جميع الأقطار العربية. وممن شارك فى هذا الاتجاه من الجزيرة العربية ابن معصوم (١) الحسينى من أهل المدينة المتوفى سنة ١١١٧ وهو صاحب كتاب السلافة ومطلع بديعيته:

حسن ابتدائى بذكرى جيرة الحرم ... له براعة شوق تستهلّ دمى

وألف عليها شرحا سماه «أنوار الربيع فى أنواع البديع» وتتضمن ألفاظ الأبيات أسماء المحسنات البديعية، وذكر فى مقدمة شرحه أسماء من سبقوه إلى نظم البديعيات والتأليف محاكيا بذلك أصحاب البديعيات وشروحها قبله.

وعلى نحو ما كانت البحوث البلاغية والبديعية نشطة فى الجزيرة العربية كذلك كانت البحوث النقدية ومن خير ما يصور ذلك كتاب تنبيه الأديب على ما فى شعر أبى الطيب من الحسن والمعيب لعبد (٢) الرحمن بن عبد الله باكثير الحضرمى المكى قاضى جدة المتوفى حوالى سنة ٩٧٥ للهجرة وقد بدأ مؤلفه بالحديث عن الفصاحة ثم فتح بابا لعرض وجوه من النقد لنحو خمسين قصيدة للمتنبى مرتبة على الحروف الهجائية وعادة يذكر مطلع القصيدة ثم بعرض الأبيات المستهجنة فيها والمستحسنة، ويعقد بابا ثانيا يتحدث فيه عن السرقات الشعرية وسرقات المتنبى من الشعراء وسرقات الشعراء منه. ثم يسوق خاتمة فى


(١) انظره فى البدر الطالع ١/ ٤٢٨ وأمل الآمل ص ٥٢.
(٢) راجع مقدمة مقدمة محقق الكتاب: الدكتور رشيد عبد الرحمن صالح، وما بها من مصادر عن المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>