للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السبكى: «لا يشك ذو خبرة أنه كان أعلم أهل الأرض بالفقة والأصول والكلام وأكثرهم تحقيقا. . وأن الوجود ما أخرج بعده له نظيرا، مما جعل اسمه يطير فى الأقطار وذكره يملأ الديار». ومن تصانيفه فى الفقه الشافعى النهاية فى الفقه ويقول السبكى: «لم يصنف فى مذهب الشافعى مثلها فيما أجزم به» ويذكر له فى أصول الدين أو علم الكلام كتاب الشامل وكتاب الإرشاد كما يذكر له فى أصول الفقه كتاب البرهان غير كتب أخرى. ولم يكن يحضر مجلسه طلاب الفقه والأصول والكلام فى مكة والمدينة فحسب، بل كان يحضره أيضا الوافدون على البلدتين من أقطار العالم الإسلامى، مما جعل اسمه يسير ويشتهر وتضرب به الأمثال. وعاد إلى نيسابور، فبنى له نظام الملك وزير ألب أرسلان السلجوقى مدرسة ليلقى بها محاضراته من مدارسه المعروفة باسم المدارس النظامية وكانت حلقته تضم نحوا من أربعمائة طالب، وحين توفى طافوا ببلده ينوحون عليه وكسروا المحابر والأقلام حزنا وجزعا.

والفقهاء بمكة والمدينة كانوا كثيرين، وكان لكل مذهب من المذاهب الأربعة المشهورة:

مذهب أبى حنيفة ومذهب مالك ومذهب الشافعى ومذهب أحمد بن حنبل فقيه يمثله، يسمى مثلا إمام الحنابلة أو إمام المالكية بالحرم ويضم منهم كتاب العقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين للفاسى طائفة كبيرة. وكذلك غيره من كتب (١) التراجم ومن أهم فقهاء مكة المتأخرين ابن حجر الهيثمى المتوفى سنة ٩٧٣ وله شرح كبير على المنهاج للنووى ومصنفات كثيرة.

ونلتقى فى مكة بمحدث من كبار المحدثين فى العالم الإسلامى هو محب (٢) الدين الطبرى المكى المتوفى سنة ٦٩٤ شيخ الحرم وحافظ الحجاز وعالمه المولود بمكة سنة ٦١٥ فهو من علماء مكة. وهى مسقط رأسه وموطنه، نشأ بها، وفيها طلب العلم وسمع الحديث على أستاذه أبى الحسن على بن المقيّر، ومما قرأه عليه سنن أبى داود عن أبى الفضل بن سهل الإسفرايينى وعن الخطيب البغدادى وسنن النسائى أبى عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن على عن البزدى عن عبد الرحمن بن محمد الدونىّ. وكانوا يدققون فيمن يذكرونهم من الحفاظ فلابد أن يكونوا حملوا كتب الحديث عن شيوخ نابهين على نحو ما حمل ابن المقير سنن أبى داود


(١) راجع مثلا فى إمام للحنفية بالمسجد الحرام المنهل الصافى ١/ ٤٠٤ هو شيخ الإسلام شهاب الدين أحمد بن على بن يوسف، وفى إمام للمالكية العقد الثمين ٤/ ٣٢٤ هو خليل بن عبد الرحمن القسطلانى المكى، وفى إمام للشافعية العقد الثمين ١/ ٢٨٠ وهو الرضى الطبرى المكى، وفى إمام للحنابلة العقد الثمين ٧/ ١١٩ وهو ابن الطباخ الحنبلى.
(٢) انظره فى طبقات الشافعية للسبكى ٨/ ١٨ والمنهل الصافى ١/ ٣٢٠ وتذكرة الحفاظ ٤/ ١٤٧٤ وشذرات الذهب ٥/ ٤٢٦ ومرآة الجنان ٤/ ٢٢٤ والنجوم الزاهرة ٨/ ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>