للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأزهار فى فقه الأئمة الأخيار وصنع عليه شرحا سماه «الغيث المدرار». وهناك كثيرون من علماء الزيدية، من الأمراء وغيرهم، تعمقوا فى الفقه الزيدى وألفوا فيه وحوله كتبا ومصنفات مختلفة، ومن طريف ما يذكر فى هذا الصدد أن أحد أمراء الزيدية فى القرن التاسع صنف رسالة استبعد فيها إمكان الاجتهاد حينئذ، فرد عليه محمد بن إبراهيم الوزير بكتابه «العواصم والقواصم» فى أربعة مجلدات، واختصره فى كتابه «الروض الباسم فى الذب عن سنة أبى القاسم» وهو مطبوع.

وبجانب هذا النشاط الفقهى فى اليمن كان هناك نشاط واسع فى علم الحديث، وهو يبدأ فى الحديث كما بدأ فى الفقه بمعمر بن راشد فله الجامع المشهور فى السنن، ونمضى بعده فى كتاب طبقات فقهاء اليمن فنجد لمحمد بن عبد الأعلى الصنعانى كتاب المنتقى فى السنن، وقلما يذكر فقيه إلا ويذكر معه أنه حمل عنه الحديث، وكثيرا ما يقول الجعدى عن هذا أو ذاك إنه سمع صحيح البخارى، أو سمع موطأ مالك أو جامع السنن للترمذى أو صحيح مسلم أو سنن أبى داود أو سنن النسائى. ومن حين لآخر نجد الجعدى ينعت الفقيه الذى يترجم له بأنه الحافظ المحدث، أو يقول سيف السنة. وبنفس النشاط فى هذه الرواية للحديث كانت بيئة الزيديين تنشط فى روايته وللإمام المنصور بالله المتوفى سنة ٦٧٠ كتاب فى الحديث يسمى الشفاء، وللإمام القاسم المتوفى سنه ١٠٢٩ فى الحديث كتاب الاعتصام.

وعنيت اليمن بالتفسير والقراءات كما عنيت بالحديث والفقه، وكان فيها من المفسرين قديما طاووس بن كيسان تلميذ ابن عباس. وهو باب هذه الحركة، ومضى اليمنيون بعده يعنون بكتب التفسير، حتى إذا ظهر تفسير الطبرى أقبلوا على تداوله، ولهم بحوث كثيرة تتصل بناسخ القرآن ومنسوخه وبشرح غريبه. ومر بنا نشاط الفيروزابادى لعهد الرسوليين فى هذا الاتجاه. ونجد الزيديين يعنون بالتفسير وكل ما يتصل به، وقد ذكر بروكلمان لإمامهم زيد مخطوطات مختلفة منها تفسير غريب القرآن المجيد، ومدخل إلى القرآن وتفسير لمواضع منه، وذكر للإمام الهادى مؤسس العقيدة فى اليمن تفسيرا لبعض سور الذكر الحكيم. ولأبى الفتح الديلمى المتوفى سنه ٤٤٠ تفسير للقرآن المجيد، وللإمام المهدى محمد بن المطهر المتوفى سنة ٧٢٨ كتاب عقود العقيان فى الناسخ والمنسوخ من القرآن. ولعل أروع تفسير صنفته اليمن فى عصورها جميعا على الإطلاق تفسير محمد (١)


(١) انظره فى كتابه البدر الطالع ٢/ ٢١٤ وترجم له ابن زبارة فى كتابه (نيل الوطر من تراجم اليمن فى القرن الثالث عشر» وقال إنه أستاذه.

<<  <  ج: ص:  >  >>