للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن على الشوكانى المتوفى سنة ١٢٥٠ هـ‍/١٨٣٤ م سماه «فتح القدير الجامع بين الرواية والدراية فى التفسير» وكان قد بدأ حياته زيديا ونزع إلى الدعوة الوهابية، وهو يعد إماما مجتهدا، وله عشرات المصنفات فى الفقه والأصول وعلم الكلام واللغة.

واهتمت اليمن من قديم بالقراءات، ويشتهر من قرائها الأولين أبو قرة موسى بن طارق الذى حمل عن نافع أحد القراء السبعة قراءته التى كان يقرأ بها أهل المدينة، وأذاعها فى اليمن، ومن أعلام القراء هناك زيد (١) بن الحسن الفايشى المتوفى سنة ٤٥٨ وكان عالما بعلوم كثيرة، منها التفسير. ومنها القراءات أخذها عن أبى معشر الطبرى بمكة، وكان شيخ الشافعية والفقهاء باليمن، وعليه تفقه يحيى بن أبى الخير المار ذكره. ومن أعلام القراء أيضا ممن ترجم لهم الجزرى فى طبقاته ابن شداد البرعى على بن أبى بكر الزبيدى شيخ القراء ببلاد اليمن، وكانت إقامته بزبيد أقرأ بها زمنا وأسمع الحديث، توفى سنة ٧٧٠ وخلفه أحمد بن محمد الأشعرى العبدلى شيخ زبيد فى القراءات، ويقول ابن الجزرى: لما دخلت اليمن لازمنى كثيرا وسمع منى نصف كتاب النشر وكتبا أخرى، ويقول إنه أعطاه إجازة بالقراءات العشر (٢). ومعروف نشاط ابن الجزرى فى القراءات، ولا شك أن اليمن أفادت منه كثيرا. وهذا النشاط فى القراءات كان يمتد ليشمل البيئة الزيدية وجميع البلدان اليمنية.

وعنيت اليمن فى هذا العصر بالمباحث الكلامية، وظلت عنايتها بها متصلة، وقد توزع فقهاءها من غير الزيديين منزعان: منزع أشعرى ومنزع أهل السنة، وكانت الكثرة تنزع المنزع السنى، ونجد ذلك واضحا فى تأليف الكتب التى تعنى بنقض آراء المعتزلة، مثل «كتاب الحروف السبعة فى الرد على المعتزلة وغيرهم من أهل الضلال والبدعة» للمراغى (٣) ومثل كتاب يحيى بن أبى الخير الذى تحدثنا عنه آنفا بين الفقهاء، وقد جعل عنوانه:

«الانتصار فى الرد على المعتزلة القدرية الأشرار» وفى مقدمته أنه ألفه للرد على شمس الدين جعفر بن أحمد بن عبد السلام، أحد علماء الزيدية، وكان قد ألف كتابا انتصر فيه لرأى المعتزلة بأن الناس يخلقون أفعالهم، وأيضا لرأيهم بأن القرآن مخلوق وغير ذلك من آرائهم. وحاول يحيى بن أبى الخير تفنيد آرائه الاعتزالية، إذ رد عليه برسالة ذكر فيها الأخبار المروية عن الرسول صلى الله عليه وسلم فى التحذير من القدرية. ولم يكد يقرأ رسالته شمس


(١) راجع ترجمته فى طبقات فقهام اليمن ص ١٥٥ والسبكى ٧/ ٨٥.
(٢) غاية النهاية فى طبقات القراء لابن الجزرى ١/ ١٠٣.
(٣) طبقات فقهاء اليمن ص ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>