للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين حتى نقضها بكتاب سماه «الدامغ للباطل من مذهب الحنابل» فأثار حفيظة يحيى ابن أبى الخير، ورد عليه بهذا الكتاب ردا عنيفا، وأضاف إلى المعتزلة فى الكتاب الأشعرية وأجحف بهم، مما جعل الشريف العثمانى الأشعرى يناظره ويجادله فى مذهب الحنابلة أهل السنة (١).

ومعروف أن زيد بن على زين العابدين صاحب مذهب الزيدية ومؤسسه تتلمذ لواصل ابن عطاء رأس المعتزلة ولذلك كان الزيدية جميعا ينتظمون فى المعتزلة، مما جعل الاعتزال يستقر فى مباحثهم، كما جعلهم يكثرون من هذه المباحث، ومن يرجع إلى الجزء الثالث من تاريخ الأدب العربى لبروكلمان سيجد للقاسم بن إبراهيم الرسى جد الإمام الهادى مؤسس مذهب الزيدية فى اليمن كتاب أصول العدل والتوحيد ونفى الجبر والتشبيه، وكتاب الأصول الخمسة وقد كتب فيها القاضى عبد الجبار أكبر معتزلى فى نهاية القرن الرابع الهجرى شرحا مطولا، وللإمام الهادى كتاب المسترشد فى التوحيد، وللإمام المهدى المتوفى سنة ٤٠٣ كتاب الأدلة على الله ومختصر فى التوحيد. وتتوالى كتب كلامية كثيرة فى بيئة الزيدية، من ذلك شرح القلائد فى علم الكلام للإمام المهدى أحمد بن يحيى المتوفى سنة ٨٤٠ وكتاب الأساس فى علم الكلام للإمام القاسم المنصور بالله المتوفى سنة ١٠٢٩.

ولم تؤلف هذه البيئة فى الاعتزال وحده، بل ألفت أيضا كتبا فى رجاله، وكتاب ابن المرتضى فى المعتزلة مشهور.

ولم تكن حضرموت بعيدة عن كل هذه الحركة الثقافية فى اليمن والحجاز، فقد كان طلاب العلم فيها والعلماء يفدون بصورة منتظمة على اليمن ومكة والمدينة لحمل العلم وتلقينه، ويلقانا منهم كثيرون فى كتب التراجم، وعادوا أو عادت كثرتهم إلى موطنهم فى تريم وشبام وغيرهما من بلدان حضرموت وسرعان ما أخذت فى تلقينه للشباب. وبذلك كان هناك تواصل منظم بين حضرموت والعلماء اليمنيين والمكيين، بل منهم من كان يرحل فى طلب العلم إلى بغداد وغير بغداد، ويعود محملا بالكتب وبالإجازات العلمية التى تتيح له روايتها ونشرها. ويقول الرواة إن مجلس الفقيه زيد بن عبد الله اليفاعى اليمنى المتوفى سنه ٥١٤ كان يغصّ بالفقهاء من حضرموت (٢)، ويذكر الجعدى من تلاميذ الفقيه يحيى بن أبى الخير الذى مر بنا فى الحديث عن فقهاء اليمن محمد (٣) بن عبد الله الحضرمى من تريم حاضرة حضرموت وأيضا محمد بن مفلح الحضرمى وهو الذى طلب إليه تأليف كتابه


(١) طبقات فقهاء اليمن ص ١٧٩ - ١٨٠.
(٢) طبقات فقهاء اليمن ص ١٥٢.
(٣) نفس المصدر ص ٢٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>