للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زوّجت بيض الهند سمر رماحهم ... فرءوسهم عوض النّثار نثار

وكذا العلا لا يستباح زواجها ... إلا بحيث تطلّق الأعمار

والنثار ما ينثر على العروسين فى الزفاف من الدراهم والدنانير والورود، وهو يتصور معاركه مع أعدائه أفراحا، نثارها رءوس خصومه التى تطيح بها سيوفه وسيوف جنوده، ويقول إن هذا دائما مهر العلا وصداقها.

ويترك الباخرزى شعراء غربى الجزيرة إلى شرقيها مصعدا إلى أقصى الشمال حيث إمارة بنى عقيل العامريين الذين أسسوها فى الموصل وبوادى نجد العراقية فى القرن الرابع الهجرى، ويترجم الباخرزى لأمير منهم هو قرواش بن المقلّد الذى ولى الإمارة سنة ٣٩١ وظل أميرا نحو خمسين عاما إلى أن غلبه على إمارته أخوه بركة وسجنه وتوفى فى سجنه، كما مرّ بنا، سنة ٤٤٤ ويقول المؤرخون: «كان كريما وهابا نهابا» وكان يحسن صوغ الشعر وحوكه، من مثل قوله الذى أنشده الباخرزى:

لى أشقر سمح العنان مغاور ... يعطيك ما يرضيك من مجهوده

ومهنّد عضب إذا جرّدته ... خلت البروق تموج فى تجريده

ومثقّف لدن السّنان كأنما ... أمّ المنايا ركّبت فى عوده

وبذا حويت المال إلا أننى ... سلّطت جود يدى على تبديده

وهو يفتخر بأن ما له ليس ميراثا عن آبائه، وإنما هو مما أنعم به عليه فرسه الذى لا يشقّ غباره فى الغارات، وسيفه القاطع المسلول دائما للنزال ورمحه الذى يفتك بالرجال، وتلك أدوات جلبه للمال وسرعان ما تبدده يداه فى الناس. ويترجم الباخرزى لابن عم له يسمى أبا جوثة، ثم يهبط من الموصل وبواديها إلى بوادى الحلّة بالقرب من الكوفة حيث إمارة بنى مزيد الأسديين التى أسستها قبيلتهم بنو أسد فى أواخر القرن الرابع الهجرى، ويترجم لدبيس بن على بن مزيد الذى ولى إمارتها سنة ٤٠٨ حتى وفاته سنة ٤٧٧ وله حروب كثيرة مع بنى خفاجة، واستنجد به قرواش ضد الغزّ حين أغاروا على بلاده، فنجده. وينشد له الباخرزى بيتين يدلان على شاعرية متوسطة بل على شاعرية ضعيفة

ويأخذ الباخرزى بعد ذلك فى الترجمة لطائفة من شعراء نجد، يبتدئهم بمحمد بن الجراح من قبيلة بكر، ومما أنشده له فى كرم الضيافة الذى يشتهر به العرب من قديم قوله:

لا يرفع الضيف عينا فى منازلنا ... إلا إلى ضاحك منا ومبتسم

ويطيل الباخرزى فى الوقوف عند شاعر طائى، هو أبو كامل تميم بن المفرج، وفيه يقول:

«كامل» وبالكمال قد كنى، وإذا وصف تمام الفضل فتميم عنى، وناهيك بذاك الألمعى».

<<  <  ج: ص:  >  >>