للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ثقّلت إذ أتيت مرارا ... قال: ثقّلت كاهلى بالأيادى

قلت: طوّلت قال: لا بل تطوّل‍ ... ت، وأبرمت قال: حبل الوداد

وتتداول البيتين كتب البلاغة، إذ يصوران لونا من ألوان البديع وهو القول بالموجب.

وهو توجيه الكلام فى الحوار وجهة طريفة، تنفى ظاهره المراد. ويترجم العماد عقبه لشاعر يسمى أبا بكر (١) محمد بن عتيق السّوارقىّ الذى توفى بطوس سنة ٥٣٨ وأنشد له العماد أشعارا منها قوله:

أيا ساكنى نجد سلام عليكم ... وإن كنت لا أرجو إيابا إليكم

وإن كان جسمى فى خراسان ثاويا ... فقلبى بنجد لا يزال لديكم

ويترجم العماد بعده لشاعر من خدّام سدّة المصطفى صلى الله عليه وسلم يسمى كافورا النبوى. ويقول إنه رحل أيضا عن المدينة، وأوغل فى رحلته حتى بخارى، وينشد له العماد بعض شعره، ثم يترجم لشريف سليمانى هو علىّ (٢) بن عيسى كان أبوه عيسى أميرا على المخلاف السليمانى وقتله أخوه أبو غانم يحيى، ففرّ ابنه على إلى مكة، وظل فيها إلى وفاته سنة ٥٥٦ يقول العماد: «وله تصانيف مفيدة وقريحته فى النظم والنثر مجيدة» ويقول القفطى: «لما نزل الزمخشرى مكة وجد بها الشريف على بن عيسى بن حمزة الحسنى فعرف قدره، ورفع أمره وتتلمذ عليه، ونشّطه لتصنيف ما صنّف» وقد ألف له تفسيره الكشاف المشهور، وفيه يقول على مادحا ومنوّها:

جميع قرى الدنيا سوى القرية التى ... تبوّأها دارا فداء زمخشرا

وأحر بأن تزهى زمخشر بامرئ ... إذا عدّ فى أسد الشّرى زمخ الشّرا (٣)

وينشد له العماد طائفة من أشعاره تدل على شاعرية خصبة وأنه كان يملك زمام اللغة ويعرف أساليبها السويّة المونقة، وله أبيات فخر كثيرة تصور عزة نفسه وإباءه الضيم ومروءته، ومن قوله فى رثاء بعض آبائه:

غاض النّمير العذب يا واردا ... وحال عن عهدك ذاك الزّلال

ويترجم العماد عقبه لابن عم له يسمى دهمش (٤) بن وهّاس، يظهر أنه فارق المخلاف السليمانى مثله وأقام بمكة، فترجم له العماد بين أبنائها، ويقول إنه وفد على صلاح الدين فى


(١) الخريدة (قسم الشام) ٣/ ٢٦.
(٢) راحع ترجمته فى الخريدة (قسم الشام ٣/ ٣٢ والعقد الثمين ٦/ ٢١٧. ومادة زمخشر فى معجم البلدان لياقوت.
(٣) الشرى: مأسدة. زمخ: ترفع عليها وتكبر.
(٤) راجعه فى الخريدة (قسم الشام) ٣/ ٣٥ والعقد الثمين ٤/ ٣٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>