للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد جمعت فضائلا ما استجمعت ... يفنى الزمان وذكرها لم يهرم

كرما يبيح حمى الغنى ومآثرا ... وضحا تبيح بلاغة للمفحم

ولم يكن بنو مزيد الأسديون فى الحلّة وبواديها أقل اهتماما بالأدب والأدباء من بنى عقيل فى الموصل وبواديه، وكانوا قريين من بغداد، فكثر إلمام الشعراء بديارهم لأخذ جوائزهم، غير من كانوا ينشئون بينهم وفى مقدمتهم على (١) بن أفلح العبسى الشاعر، ويقال إنه كتب بين يدى دبيس بن مزيد فى شبيبته. وكان ابنه منصور ممدّحا، ومن مدّاحه البندنيجى (٢) الشاعر البغدادى، ومحمد (٣) بن خليفة أبو عبد الله السّنبسى، وكان ابنه سيف الدولة صدقة مفزعا للشعراء. وكان السنبسى شاعره الأثير وله فيه مدائح مختلفة، ومن مدّاحه أيضا المطاميرى (٤) وأبو طاهر (٥) البغدادى وابن أبى الجبر (٦). وممن زار الحلّة عاصمة المزيديين ومدح أمراءها الأبيوردى الشاعر الإيرانى المشهور. ويغمر نجدا وراء دولتى المزيديين والعقيليين الظل، فلا نكاد نتبيّن شيئا من أخبار شعرائها، حتى تلقانا دعوة محمد بن عبد الوهاب وأصداؤها فى الشعر والشعراء.

ومن يرجع إلى كتاب العقد الثمين يجد مدائح كثيرة طوال هذا العصر موجهة إلى أمراء مكة والمدينة وبالمثل تلقاه هذه المدائح فى سلافة العصر لابن معصوم و «نفحة الريحانة» وفى كتب التراجم المتأخرة، وكانت الإمارة فى مكة زيدية شيعية وفى المدينة إسماعيلية على الأقل فى الحقب الأولى وسنفرد لشعراء هاتين النحلتين فى الجزيرة دراسة خاصة فى الفصل التالى:

أما اليمن فقد نشط فيها الشعر طوال هذا العصر، وكان لتنافس الإمارات والدويلات الكثيرة فى أوائله أثر بعيد فى ذلك، فإن كل إمارة عملت على أن تجمع حولها الشعراء ليكونوا دعاة لها، وفى سبيل هذه الغاية كانت تجزل لهم فى العطاء، وتلقانا فيه إمارة الزيديين فى صعدة، وسنتحدث عن شعرائها فى الفصل التالى. وبالمثل إمارة الصّليحيين الإسماعيلية كان لها شعراء كثيرون سنعرض لهم فى الفصل التالى أيضا. وقل ذلك نفسه فى إمارة بنى مهدى الخوارج فسنتحدث عنهم مع الإباضية وشعرائهم. وربما كانت أهم إمارة عنيت بالشعر فى القرن الخامس إمارة آل نجاح فى زبيد، وكان جياش (٤٨٢ - ٤٩٨ هـ‍) أهم أمراء هذه الدولة وأكثرهم عناية بالشعراء حتى لقد صنف فيهم كتابه «المفيد» الذى مرّ بنا


(١) انظره فى الخريدة القسم العراقى ٢/ ٥٢.
(٢) الخريدة، الجزء الرابع، المجلد الأول ص ١٣٣.
(٣) نفس المصدر ص ٢٠٩.
(٤) الخريدة، القسم العراقى ٢/ ١٩٥.
(٥) نفس المصدر ص ٢٢٠.
(٦) نفس المصدر ٤/ ٢/٥٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>