للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متجرا، فهو يمدح به المظفر وأسرته وعماله، كما يمدح أمراء المخلاف السليمانى وأعيانه، والأئمة الزيديين وفى مقدمتهم الإمام أحمد بن الحسين، وأمراء ظفار، وأمراء قبائل حلى بن يعقوب، ويروى أنه قال فى أميرهم أحمد بن على الحرامى الكنانى من مدحة طويلة:

إن الملوك بنو يعقوب قاطبة ... قطعا وكلّ ملوك بعدهم سوق

والسوق جمع سوقة وهى الرعيّة وبلغت المدحة سمع المظفر الرسولى، فاستشاط غضبا حين سمع هذا البيت وطلب ابن هتيمل ليطير به طيرة بطيئا سقوطها حتى إذا مثل بين يديه وأنشده البيت حنقا، تخلّص تخلصا لطيفا، قائلا: أطال الله عمر السلطان! إنما قلت:

«وكل ملوك غيرهم سبق» فاستحسن تخلصه (١)، وله فيه كثير من المدائح البديعة من مثل قوله

أغرّ رسولىّ يزرّ قميصه ... على القمر التّمّ الخضمّ الغضنفر

أعمّ سماحا من سماحة حاتم ... وأعظم بأسا من بسالة عنتر

وقوله (٢):

هدى كهدى رسول الله متّبع ... ما سار آل رسول الله فى السّير

وعزمة كلّ حدّ من صرامتها ... أمضى من الموت أو أمضى من القدر

لو أن هيبته أو بعض هيبته ... تلقى على الفلك الدوّار لم يدر

ونسيجه اللفظى متين قوى، وكلماته تروق السمع بجرسها وبحسن انتقائها، إذ كان يعرف كيف يصطفى لفظه وكيف يلائم بين كلماته ملاءمات تلذ الأذن حين تصيخ إليها وتلذ اللسان حين ينطق بها وهو بحق صائغ ماهر. وممدوحه الثانى بعد المظفر فى ديوانه الإمام الزيدى أحمد بن الحسين، وفيه يقول فى إحدى مدائحه (٣)

حفظ الله أحمدا حيثما كا ... ن وجادته ديمة مدرار

الشريف الشريف والجوهر الجو ... هر والخالص النّضار النّضار

سيّد أمّه البتول وجدّا ... هـ المثنّى وأحمد المختار

والبتول: السيدة فاطمة الزهراء، والمثنى: الحسن بن الحسن بن على جد الممدوح وأحمد المختار الرسول صلى الله عليه وسلم، وواضح ما فى لفظ ابن هتيمل من سهولة وعذوبة، وهو عادة يقدم لمدائحه بغزليات تسيل رقة وخفة، كقوله فى مقدمة هذه القصيدة:


(١) انظر فى هذا الخبر مقدمة الديوان.
(٢) الخزرجى ١/ ١٥٩.
(٣) الديوان ص ١٥٥ وشعر الغناء الصنعانى للدكتور محمد عبده غانم ص ١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>