للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعيّد سعيدا فى علاء ورفعة ... وطول يد مالاحت السّبعة الشّهب (١)

وواضح أن صوت الشاعر يحمل غير قليل من الجزالة والرصانة، وفيه استواء وتناسق وما يدل على أن الشاعر كان يحكم كلمه ويصوغها صياغة جيدة دون أى نبوّ والتواء، وله يمدح نبهان بن عمر من قصيدة طويلة:

أنبهان إنك من عصبة ... نماها إلى المجد قحطانها

هم العين فى يعرب كلّها ... وأنت من العين إنسانها

إذا طلبت مكرمات العلا ... بدا فى جبينك عنوانها

فعشت وبلّغت من سيّد ... مناك وسرّك لقيانها

ولا زال يغدوك فى نعمة ... شباب الحياة وريعانها

والأبيات تصافح الآذان فى خفة، وهى تموج بالحركة، وكأنما أعدّها لكى تغنّى وتملأ الحلوق بحلاوة رناتها، وانظر إلى تكملة البيت الرابع: «وسرّك لقيانها» فإنك تحس القدرة على تكملة البيت بقافية تروعك، إذ لم تكن تتوقعها، وكنت تحار كيف يأتى بها.

ويبدو أنه كان يكثر من الرحلات إلى العراق، ففى أشعاره ذكر لبعض بلدانها مثل تكريت وهيت والجزيرة، وكان يمد رحلاته إلى جزيرة زنجبار شرقى تنزانيا، ونراه يمدح سبّخت وغيره من أعيانها، وفيه يقول:

إذا أنت أبصرت فى الدّست سبّخ‍ ... ت كالشمس أنكرت خلق العباد

سما بمعال وفضل كمال ... وحسن فعال وصفو اعتقاد

جرئ القتال غداة النّزال ... ببيض النّصال وسمر الصّعاد (٢)

ويكثر من تقديمه لمدائحه بالنسيب، وهو-كغيره من شعراء الجزيرة العربية يكثر من التغزل بالأعرابيات ووصف جمالهن وسحرهن وكيف يشغفن القلوب، وخاصة حين يرحلن، فتتبعهن الأفئدة، من مثل قوله:

لمن الظعائن ظلّع الأحداج ... وقفت لشأن وانثنت لمعاج (٣)

رفعوا هوادج كالسّفين وكلّة ... محفوفة بالوشى والدّيباج (٤)

فيهن كلّ معيدة علق الهوى ... بجمالها ودلالها الخلاّج (٥)

وهو يبدئ ويعيد فى وصف هذا الترحال الذى يقف أسباب المودة والحب، والذى


(١) السبعة الشهب: الكواكب السبعة السيارة.
(٢) الصعاد: جمع صعدة وهى القناة.
(٣) الأحداج: الهوادج. معاج: انعطاف.
(٤) الكلة: ستارة الهودج.
(٥) علق: جمع علقة وهى التعلق. الخلاج: الخلاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>